«إن لله تسعة وتسعين اسمًا مائة إلا واحدًا من أحصاها دخل الجنة»، والإحصاء هو التحليل وليس العد، ومن الخطأ أن نتعامل مع أسماء الله الحسنى على أنها مجرد كلمات نحفظها لنتبرك بها، أو تلوكها ألسنتا دون وعى وإدراك لمعناها، أو أن تكون أداة للحكم على الناس وتكفيرهم، لأننا حينها نغفل عن قيمة كبرى لها، وهى علاقتها بالأخلاق التى بها تحيا الحياة، وتعمر الأرض.
أسماء الله الحسنى ليست كلمات جامدة
لكل اسم من أسماء الله الحسنى علاقة بخلق معين، فالحب له علاقة باسم الودود، والكرم له علاقة باسم الله الكريم، والرحمة مشتقة من اسم الله الرحيم، وهكذا باقى الأسماء لكل منها علاقة بخلق معين، وقد كنت أقرأها لأتبرك بها، حتى قرأتها لأعيش بها، فأحببت الله، وأحببت الأخلاق.. والأخلاق هى قاعدة الإسلام الأساسية وجوهر رسالته، والمقصد والهدف الأساسى من الدعوة المحمدية إلى البشرية، لكن هناك من حاد عن ذلك وغير أولويات الرسالة، فقدم الشكل والمظهر على الأخلاق، مع أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق». والأخلاق هى كل طباع جميلة.. عفو، حلم، جود، صبر، رحمة، شفقة، توادد، ولين الجانب.. النبى يقول: «إن من أحبكم إلىّ، وأقربكم منى مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا»، و«أكثر ما يدخل الناس الجنة حسن الخلق»، و«أحب عباد الله إلى الله أحسنهم خلقًا». والأخلاق تأتى قبل الفقه والأحكام، كما يبدو جليًا فى آيات القرآن، حيث الغلبة لها فى معظم آياته، فمن أصل 6263 آية، هناك 300 فقط «أى نحو 5%» تتناول الأحكام الفقهية والحلال والحرام، أما الـ95% الأخرى فهى عن الأخلاق وربطها بأسماء الله الحسنى.
كيف تصبغ حياتك بأسماء الله الحسنى؟
لو عاش الإنسان لفترة زمنية مع كل اسم منها يصبغ أخلاقه بها، لأنه وكما يقول علماء النفس، فإن الإنسان عندما يعيش مع أى صفة لمدة 21 يومًا، يمكن أن تغير من نمط سلوكه، ونحن يمكن أن نفعل ذلك مع أسماء الله الحسنى، بأن نفكر فى اسم طوال الأسبوع، ومن ثم نربطه بباقى الأشياء بنية أن نتخلق بهذا الخلق، لنتقرب من الله وليصبغنا الله بهذا الاسم.
«الستار»
من أسماء الله «الستار»، والستر من صفاته تعالى من أجل إصلاح الأرض والنهضة وبناء الحضارة، ومن معانيه حماية الأرض من الفساد. فلله حيى ستير، يستحى أن يفضح عبده، إذا أردت أن يسترك فاستر الناس لكى تنال ستره.
«العزيز»
اسم الله العزيز ورد فى القرآن حوالى 95 مرة، لأنه تقوم عليه أخلاق الأمة، والعزيز هو الذى يأبى الذل لعباده، «مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا»، فمصدر العزة فى الكون هو الله العزيز، لا تذلل إلا لله وحده، لا تقبل الذل أبدًا، النبى يقول: «اطلبوا الحاجات بعزة أنفس فإن الأمور تجرى بالمقادير».
«الحليم»
اسم الله «الحليم».. الحلم هو إعطاء الفرصة تلو الفرصة لعلك تعود فتُسامَح على أخطاء الماضى، وهو مرتبط بالحب والرحمة والتماس الأعذار، يقول النبى: «ليس أحد أحب إليه العذر من الله»، وهو نوعان: طبع وتطبع.. فالطبع مثل من خلقه الله حليم، والتطبع مثل من قال عليه النبى: «ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد هو من يملك نفسه عند الغضب»، «إنما الحلم بالتحلم».
«الواسع»
اسم الله «الواسع».. الواسع فى ملكه «وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ.»، واسع فى علمه «رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَىءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا»، واسع الرحمة «...وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىءٍ...»، واسع العطاء، خزائنه لا تنفذ. وقد ورد ذكره فى القرآن 13 مرة، وفى كل مرة كان يقترن به اسم آخر وهو العليم، أى أنه سبحانه وتعالى علم صدق نواياهم فوسع عليهم.. فلتختر أحدًا توسع عليه، وسع على شاب وفتاة ليتزوجا.
لا تحسد أحدًا، لأنه معنى أن تحسد أحدًا، أن الله، حاشاه، قد نفذ ما عنده، فلن يكون قادرًا على إعطائك مثله، وأن ما عند الله محدود، ولكن الله واسع العطاء «قُلْ إِنَّ الفَضْلَ بِيَدِ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ»، وسع صدرك للناس، عندما تحس أن الدنيا ضاقت فى عينيك اذهب للواسع، وهكذا عش بأسماء الله الحسنى وتخلق بأخلاقها ستجد حتمًا تغييرًا فى حياتك إلى الأفضل.