فى لمح البصر تمر الأيام علينا وتتساقط معها ورقة من شجرة الأصحاب والمعارف والأقارب والأحباب، يوميًا نفقد شخصًا ما عزيزًا علينا، كانت لنا معه ذكريات شخصية أو عملية، ليذهب ويذهب معه جزء من حياتنا ولا يتبقى منها إلا المواقف الجميلة التى يظل العقل يحاول استرجاعها بين الحين والحين حتى لا تصبح فى طى النسيان.
لم يعد الرحيل مرتبطًا بعمر الإنسان كبيرًا كان أو صغيرًا، فلم تعد الأعمار مقياسًا للموت "لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ" (سورة الرعد)، فقد أصبحنا نعيش ساعاتٍ قاسية مرعبة تحمل معها صوت إنذار "ناقوس خطر"، فالقلب قد أصبحت نبضاته سريعة مع كل "جرس تليفون" لا نعلم ما وراء المحادثة، هل سيتم إبلاغنا برحيل فلان عن عالمنا؟ ولكن الأكيد أن القلب لم يهدأ مطلقًا بعد أن أصبح يعيش داخل قوقعة الرعب خوفًا على سقوط ورقة أخرى من شجرة حياتنا.
كل ذلك يجعلنا نفكر ونسأل ونحاسب أنفسنا يوميًّا عن أفعالنا فى الساعات التى مضت ونحن ما زلنا على قيد الحياة وما زالت أنفاسنا تخرج وتعود مرة أخرى إلى أجسامنا بفضل الله، فهل تسببنا فى حزن أحد؟ هل أخرجنا الصدقة حتى بالكلمة؟ "والكلمة الطيبة صدقة" مثلما قال رسولنا الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، هل وصلنا أرحامنا؟ هل فعلنا ما يرضى ربنا؟ هل أدَّينا عملنا بما يريح ضمائرنا؟ هل قمنا بواجبنا نحو وطننا بالعمل؟ كل ذلك يجب علينا أن نراجعه يوميًّا، فحاسب نفسك قبل أن تتوقف الأنفاس، فالنفس الذى يخرج لا ضمان له فى أن يعود مرة أخرى إلا بقدرة الله (عز وجل)، فقم بدعم نفسك بالتصالح مع الذات والآخرين؛ كن متسامحًا رحيمًا ودودًا أمينًا على من حولك وعلى عملك "أكل عيشك".. قم بواجباتك قبل نفاد رصيدك فى الحياة الدنيا.