هيئة كبار العلماء تطرد على عبدالرازق
أواصل ما بدأته فى الأيام الماضية تفاصيل معركة كتاب «الإسلام وأصول الحكم» للأستاذ على عبدالرازق، ودارت أحداثها عام 1925.
قدم «عبدالرازق» مذكرته التى يرد فيها على اتهامات هيئة كبار العلماء له فى الجلسة التى عقدتها لمحاكمته، على ما اعتبرته «ضلالا وخطأ»، جاء فى كتابه.
بعد أن أذن الاجتماع لـ«عبدالرازق» بقراءة مذكرته وانصرافه، أعلنت «الهيئة» حكمها فى منتصف الساعة الأولى بعد ظهر يوم 12 أغسطس 1925، وكان نص الحكم:
«حكمنا نحن شيخ الجامع الأزهر بإجماع أربعة وعشرين معنا من هيئة كبار العلماء بإخراج الشيخ على عبدالرازق أحد علماء الأزهر والقاضى الشرعى بمحكمة المنصورة الشرعية، ومؤلف كتاب «الإسلام وأصول الحكم، من زمرة العلماء».
وحسب محمود عوض: «لم تكن شهادة العالمية هى الشىء الوحيد الذى تجرد منه الشيخ على عبدالرازق أيضا بمقتضى هذا الحكم، فالحكم يقضى أيضا بمحو اسم المحكوم عليه من سجلات الجامع الأزهر والمعاهد الأخرى، وطرده من كل وظيفة وقطع مرتباته فى أى جهة كانت وعدم أهليته للقيام بأى وظيفة عمومية، دينية كانت أو غير دينية».
أحدث الحكم ردود فعل هائلة، كانت هناك آراء كثيرة تؤيده، وآراء تعارضه، وكتب الدكتور طه حسين كلمة ذات معنى فى جريدة السياسة، لكنها لم تحمل توقيعه، كتب مخاطبا على عبدالرازق: «إيه أيها الطريد من الأزهر تعال إلىّ نتحدث ضاحكين عن هذه القصة المضحكة، قصة كتابك والحكم عليه وعليك، وطردك من الأزهر، ما بال رجال الأزهر لم يقضوا على كتابك بالتمزيق، فقد كان يلذنا أن نرى نسخة فى صحن الأزهر أمام «باب المزينين» أو فى ناحية من هذه الأنحاء التى لا يأتيها ولا يصل إليها المفكر ولايسعى إليها إلا الأخبار والأبرار، ثم تضرم النار فيها، دعنا نتحدث فى حرية ولا تكن أزهريا، فقد أخرجت من الأزهر».
وأضاف طه حسين مخاطبا على عبدالرازق وفاتحا النار على «هيئة كبار العلماء»: «آن لنا أن نجد هذه الهيئة التى أخرجتك من الأزهر، ما سلطتها الدينية؟ على أية آية من كتاب الله تستند؟ أركن هى من أركان الإسلام كالإمامة؟ كلا، إنما هى بدعة لا يعرفها القرآن الكريم ولا تعرفها السنة المطهرة ولا النظم السياسية، هى بدعة فليس لحكمها صفة دينية، ومن قال غير ذلك فهو آثم، نعم آثم لأن هذا النظام يشبه أن يكون من نظم النصارى لا من نظم المسلمين، للنصارى مجلس الأساقفة ومجلس الكرادلة ولهم البابا، أما نحن فليس لنا من هذا كله شىء، فسلام عليك أيها الطريد، وإلى اللقاء»، وواصل طه حسين: «تعال بنا نضحك فقد كان كتابك مصدرا لتغيير الأرثوذكسية فى الإسلام، ولست أنت الذى غيرها أيها الطريد المسكين، وإنما غيرها الذين طردوك وأخرجوك من الأزهر، نعم كان أهل السنة ومازالوا يرون أن الخلافة ليست ركنا من أركان الدين، وأن الشيعة فسقوا حين عدوها كذلك، فلما قلت للناس فى كتابك ما أجمع عليه أهل السنة غضب عليك أهل الأزهر ورموك بالابتداع والإلحاد، وأخذوا يقولون إن الخلافة أصل من أصول الدين، ولم لا؟، الشيعة هم الذين بنوا القاهرة وهم الذين بنوا الأزهر وشيدوه، أليس الفاطميون هم الذين أنشأوا المدينة ومسجدها الجامع، فأى عجب فى أن تعود مدينة القاهرة شيعية كما كانت يوم أسسها الفاطميون؟ وأى عجب من أن يعود الأزهر شيعيا كما كان يوم بناه الفاطميون؟