سيظل يوم ٢٥ يناير ١٩٥٢ ، يوما مجيدا في تاريخ الشرطة المصرية وتاريخ مصر ، وهو اليوم الذي حاول البعض تحويله ليصبح يوما بائسا لتشويه الشرطة والنيل منها في ٢٥ يناير ٢٠١١ ، حتى يتحول هذا اليوم من عيدٍ للشرطة إلى هدم وانهيار لهذا الكيان المهم في بلدنا وفي أي بلد آخر يسعى للاستقرار .
لعل الذين عاصروا تلك الأحداث يتذكرون كم كان مطلوبا إهانة الضباط وحرق مقرات أقسام البوليس ، وكان ظهور أي ضابط بملابسه الرسمية يعرضه للخطر والاعتداء والتهجم، وهذا الأمر لم تشهده بلدنا في أي حقبة من حقب تاريخها الحديث والمعاصر ، وهو ما يثير علامات استفهام كثيرة ، كشفت عن بعض إجاباتها السنوات التي تلتها ، وتساؤلات أخرى لم نجد لها إجابة ، لكن ربما تحمل لنا الأيام كل إجاباتها ، حدث كل هذا تحت مسمى الربيع العربي ، الذي لم يترك سوى الفوضى والخراب في البلاد التي اجتاحها ، وعناية الله وحدها هي التي حفظت هذا البلد مما كان يدبر له .
كانت العلاقة بين الشعب المصري وجهاز الشرطة قد نجح البعض في إحداث الفجوة المطلوبة بينهما ، وكانت أقسام البوليس قد أحرقت ، وظل التوجس بينهما قائما ، وعندما تولت عصابة الإخوان حكم مصر عملت على مزيد من الفوضى في جهاز الشرطة ، ووصل الأمر لخروج مظاهرات لضباط شرطة تطالب بحقهم في إطلاق اللحى ، صور هزلية كثيرة شاهدناها على مدى عام أوجعت قلوبنا ، لأن كل محاولات الإهانة والتقليل من أبناء هذا الجهاز المهم هي ضرب لهيبة وصورة الدولة المصرية.
كان هذا الوضع محزنا لجميع المصريين ، حتى جاءت ثورة ٣٠ يونيو ، وأذكر هنا يوم ٣ يوليو ، عند قصر الاتحادية وكان الجميع مترقبا وقلقا لما سيؤول إليه مصير بلدنا والكل ينتظر بيان القوات المسلحة ، وكلما مرت طائرة هليكوبتر أو سيارة جيش كان التهليل والهتاف للجيش يصل لعنان السماء ، ولأول مرة يمر رجل شرطة على دراجة بخارية ، وكانت المفاجأة موجة عارمة من التشجيع والتهليل ، حينها شعرت وغيري كثيرين إن مصر تستعيد كيانها ووحدتها .
ما أن عاد تماسك الشعب والجيش والشرطة ، وعادت مصر المختطفة من جماعة الإخوان حتى ابتلينا بسيل من الغدر والخسة وعمليات إرهابية إجرامية ، كان أبناء مصر في الجيش والشرطة هم شهدائها وضحاياها ، ومنذ ذلك الحين وعيد الشرطة مناسبة بقدر ما هي تثلج صدورنا باستقرار الأمن وبتضحيات خيرة شباب مصر من أجل حمايتها ، فهو يوم صعب مؤلم بأسر الشهداء أبناء في عمر الزهور ، وزجات شابات ترملن مبكرا وأمهات مكلومات وآباء يغالبون حزنهم بالوطنية والوجولة في أرقى معانيها .
المشهد الحزين خلال الاحتفال بعيد الشرطة للأطفال المشاركين في الحفل وقد فقدوا الأب الظهر والسند ، ومسحة الحزن وألم اليتم يخيم على وجوههم ، والحائط الكبير في متحف الشرطة والمشهد الحزين لصور مئات الشهداء الأبطال من رجال الشرطة ، يجعل هذا اليوم عيدا مستحقا للشرطة ورجالها البواسل ، والشرطة فقط وليس أي عيد آخر .