بشرنا وزير الصحة الدكتور أحمد عماد خلال اجتماع الرئيس السيسى به أن 435 ألف حالة تحقق لهم حلم الشفاء التام من فيروس سى اللعين من إجمالى 600 ألف حالة تلقت العلاج خلال الفترة الماضية، وأن باقى الحالات تواصل تلقى العلاج بما يعنى أن نسبة الشفاء قابلة للزيادة، هذا خبر إن صح يكفينى كجرعة أمل لشهر قادم على الأقل، فقد كان الشفاء من فيروس سى فى عداد المستحيلات وكان على كل من أصابه الفيروس وتمكن منه أن يرتب حياته على هذا الحال وينتظر الموت فى النهاية، لكننا الآن نتحدث وبثقة فى الله عن نسبة شفاء تتعدى الـ75 بالمائة وقابلة للزيادة، هذا فى حد ذاته إنجاز يحسب للمنظومة التى أدارت هذا الملف، ويضع رصيدا إضافيا فى حساب الرئيس لدى الشعب، لأنه أوفى بوعده، فالإنجاز ليس فقط مشروعات واستثمار ومصانع وشركات وطرق وخرسانة وتشغيل وحقوق إنسان، بالتأكيد كل هذه أمور لا غنى عنها ولا تقوم الدولة إلا بها، لكن كيف تقوم الدولة والمواطن نفسه مريض ومهدد بالموت، كيف تقوم الدولة والإنسان الذى نبنى من أجله قد لا يستطيع أن يستفيد بهذا البناء والتنمية، كيف يطالب المواطن بحقه فى الحرية وهو أصلا فاقد للأمل فى الحياة.
إذن كان إنقاذ المواطن من الأمراض القاتلة لا يقل أهمية بل ربما يرقى فى أهميته على أغلب هذه الملفات، ومن هنا جاءت مبادرة "مصر خالية من فيروس سى" التى قادها وتعهد بها الرئيس شخصيا لتعيد الأمل للمصريين دون استثناء، فهذا الفيروس ليس هناك من هو فى مأمن من غدره، بل الجميع معرضون له، والتقديرات الأولية التى كنا نسمعها خلال السنوات الماضية أن ما بين 12 إلى 20 بالمائة من المصريين مصابون بهذا الفيروس الذى ينهش أجسادهم، ونسب الشفاء كانت ضئيلة وأغلبها كانت للحالات البسيطة أو لمن يكتشف الفيروس مبكرا، وهذه كانت نسبة قليلة جدا بين المصريين.
لكن الآن العلاج للجميع، وبتكلفة لا تذكر مقارنة بدول أخرى ، بل ومجانية تماما لمن لا يستطيع، لأن الدولة المصرية تدخلت بقوة وتحملت مسئولية إنقاذ المواطن من هذا الخطر وتدخل صندوق تحيا مصر بأمر رئاسى كى يسند المبادرة وخلال فترة وجيزة بدأت بشائر الحلم تتحقق والأمل يزيد والروح المعنوية للمرضى ترتفع، لكن كالعادة يبقى الاهتمام الإعلامى بهذا الإنجاز متواضعا، وجزء منه ذهب إلى تصيد بعض السلبيات التى ظهرت مثل الانتكاسات لبعض المرضى رغم أن هذا أمر معروف ومتوقع طبيا فى العالم كله ولم تخفيه اللجنة المشرفة على هذا الملف بل هى التى سارعت بإعلانه كنوع من الشفافية لكن هواة قتل الأمل اعتبروا الأمر كارثة ونصبوا لهم المحاكمات متناسين أن هناك فى المقابل نسب شفاء غير مسبوقة.
ما يهمنى فى هذا الأمر أننا أصبحنا الآن فى دولة تجيد تجارة الحياة، لا تبيع الوهم وإنما تقدم الأمل الحقيقى للناس، ظهر ذلك فى مبادرات واقعية وملموسة ومنها مبادرة عودة الحياة لسكان العشوائيات، ومبادرة علاج فيروس سى، وغيرها كثير من المبادرات.
والسؤال الآن، كيف ندعم كشعب وكإعلام ومؤسسات مجتمع مدنى مبادرة مثل "مصر خالية من فيروس سى" كى نصل إلى النسبة المخططة فى الشفاء من هذا الفيروس، كيف ندعم الدولة كى تكمل مشوار الإنقاذ للمواطن المريض من لعنات الفيروسات القاتلة، فمثل فيروس سى هناك فيروسات أخرى أعلم أن الدولة تخطط الآن لحملات لمواجهتها، لكن يد الدولة وحدها لن تصفق ولن تنجز، وإنما لابد من عون الجميع.
والإجابة أن الطريق لدعم مثل هذه المبادرة وغيرها ليس صعبا وإنما أسهل ما يكون وعنوانه "صندوق تحيا مصر".