لم تكن الدورة الثالثة بعد الخمسين من عمر معرض القاهرة الدولى للكتاب، دورة كسابقتها، يشار إلى عدد الناشرين المشاركين فيها، مصريا وعربيا ودوليا، أو بحجم الإقبال الجماهيرى على مدار أيامها، بل كانت دورة فارقة، دورة تثبت وتؤكد دوما أن الريادة والبداية من مصر التى تحتضن الجميع.
على مدار أيام معرض القاهرة الدولى للكتاب 2022، كنت شاهدا على صناعة البهجة والوعى، وصناعة المستقبل أيضا، ورأينا كيف تفاعل جمهور المعرض مع المسارح الخارجية أمام القاعات، سواء مع الموسيقى، أو عروض السيرك، وحتى الشعر، نزل الشعراء من عليائهم فاجتمع زوار المعرض حولهم يسمعون، ويلتقطون الصور معهم كنجوم السينما، كانت فكرة إخراج الشعراء من القاعات المغلقة فى المعرض إلى الجمهور بمثابة حجرا فى حائط بناء الوعى.
وفى القاعة الخامسة، أو معرض كتاب الطفل، امتزج الوعى بالبهجة، وتنوعت الورش والحفلات التى تم تقديمها على مدار اليوم إلى الأطفال، ولهذا لم يكن غريبا على العين أن ترى كيف تحولت عربات الأطفال "الكارسيت" إلى عربات شحن للكتب والألعاب فى نهاية اليوم.
وأمام هذه الظواهر، كانت القاعات المغلقة فى معرض القاهرة الدولى للكتاب، تشهد على ما هو أكبر وأهم، ففى هذه الدورة انطلقت البذرة الأولى لـ"البرنامج المهنى" فى المعرض، برنامج لم تنته فعالياته بانتهاء فعاليات المعرض، كانت البداية مع مؤتمر الترجمة عن اللغة العربية، وما يواجهها من تحديات وصعوبات، وإلى جانب الترجمة، كانت مصر ممثلة فى وزارة الثقافة، تفتح بابا مهما على صناعة المستقبل، بمناقشة كيفية النهوض بصناعة النشر فى مختلف المجالات، فما تحتاجه صناعة النشر يتخطى طموحات أي ناشر بتحقيق مبيعات كبيرة فى أي معرض، بل بالوصول إلى العالمية.
ولكى يصل الناشرون المصريون إلى العالمية، فالبديهي أن نسأل أنفسنا عما يريده الناشر الأجنبى مننا؟، كان هذا السؤال، هو أول جلسة نقاشية عقدها البرنامج المهنى، ومن بعده ناقش البرنامج المهنى عبر محاوره النشر الرقمى والصوتى ومتطلبات العصر، وإمعانا فى الريادة، لم يكتف القائمون على البرنامج بمناقشة محاور صناعة النشر والمستقبل، بل قدموا ورشا أشبه بالورش التعليمية لكافة الناشرين الباحثين عن النجاح، فناقش البرنامج قواعد إدارة دار النشر بشكل ناجح، والقواعد والأسس القانونية فى مجال النشر، والعلاقة بين دور النشر ومكتبات البيع، وبعد ذلك، هو كيفية حصول دور النشر على الجوائز، وما الذي يريدون بالفعل من هذه الجوائز.
أعود وأقول مرة أخرى، بأن هذه الدورة سوف يتذكروها ناشرون شاركوا فى هذا البرنامج، ناشرون أجانب من 15 جنسية، التقوا بناشرين مصرين وعرب على أرض مصر، التى أهدت هذا البرنامج لهم للنهوض بصناعتهم التى تتجاوز حجم مبيعات الكتب.
تحيا مصر