كيف تفكر قطر وتركيا؟.. الأسبوع الماضى قال رئيس الوزراء التركى بن على يلدريم، إن هناك ضرورة لإعادة العلاقات بين تركيا من جهة وكل من سوريا ومصر وإسرائيل وروسيا من جهة أخرى إلى مستواها الطبيعى، وقال نصاً: «إسرائيل، سوريا، روسيا، مصر لا يمكن البقاء فى حال عداء دائم مع هذه الدول المحيطة بالبحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط»، كما أكد أن حكومته قامت بعدد من الخطوات لتحسين العلاقات مع هذه الدول.
ولم يكتف يلدريم بذلك وإنما أضاف: «الرئيس رجب طيب أردوغان قال بشكل واضح إن أى تدخل ضد إرادة الشعب هى بالنسبة لنا انقلاب، ونحن لا نقبل ذلك، وهذا موقفنا الصادق، لا ينبغى أن يمنع ذلك العلاقات التجارية بين البلدين، ويمكن تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسة، لا سيما أن تطويرها سيكون مفيدا بالنسبة لكلا الشعبين».
الموقف التركى لم يختلف كثيراً عن موقف قطر التى تعلن كل يوم أنها مع مصر حكومة وشعباً وأنها لا تعادى المصريين أبداً.
كل هذه كانت تصريحات هدفها الشو الإعلامى فقط، لأنها لا أساس لها على الأرض، لأنها انهارت أمام أول صخرة اصطدمت بها، والصخرة هذه المرة كانت فى الحكم الذى صدر ضد الرئيس المعزول «شعبياً» محمد مرسى فى قضية التخابر مع قطر، فالبلدان خرجا عن هدوئهما، وحاولا الفتك بمصر وقضائها، وكأن كل ما قالوه عن أهمية العلاقات مع مصر هو من درب الخيال، فالخارجية التركية وكعادتها هاجمت الحكم القضائى بلهجة أقل ما توصف بأنها قليلة الاحترام، وهو ما فعلته الخارجية القطرية أيضاً التى أصدرت بيانا عن سفير مجهول قالت، إنه مدير المكتب الإعلامى بوزارة الخارجية القطرية، هاجم فيه مصر وقضاءها، وقال إن الحكم الصادر عن محكمة جنايات القاهرة «يجافى العدالة والحقائق»، وزاد من تطاوله وبجاحته بقوله: «إن الأحكام تفتقرُ إلى العدالة بمفهومها السليم والتى تؤسس على أسباب لا علاقة لها بالقانون وإنما لأسباب معروفة لا تساعد على ترسيخ الروابط والعلاقات الأخوية بين الدول الشقيقة وتشكلُ سابقةً خطيرةً فى العلاقات بين الدول العربية»، متناسياً أن تاريخ القضاء المصرى هو أكبر من أن يكون محل تعليق من حكومة دولة مثل قطر، ولا من شخص مجهول لا يعرف عنه أى دور إلا تمرير البيانات التى تأتيه من أنقرة ليخرجها للإعلام وكأنها صادرة عنه وباسمه.
تصرف قطر وتركيا لم يكن مفاجئا بالنسبة لى، لأن الدولتين مازالتا تعيشان وهم عودة مرسى والإخوان مرة أخرى إلى السلطة فى مصر، حاولوا كثيراً بالإعلام والإرهاب والضعوط المالية والدبلوماسية، ورغم أن كل تحركاتهم منيت بالفشل، لكنهم لم يفقدوا الأمل، فهم متوهمون أنهم سينجحون يوماً ما، دون إدراك حقيقة أن مصر هى من ستبقى بينما أردوغان ومعه تميم سيذهبون إلى مذبلة التاريخ.
رد الخارجية المصرية على قطر رغم قوته لكنه ليس كافياً، فهو وضع القطريين فى حجمهم، خاصة حينما أكد أن «القضاء المصرى الشامخ لا يضيره إطلاق مثل تلك الادعاءات المرسلة، والتى تكشف عن نوايا من يبوح به، وجهله بتاريخ ونزاهة ومهنية القضاء المصرى الذى يمتد تاريخه لعقود طويلة»، لكن المطلوب أكثر من مجرد بيان للرد على التفوهات القطرية والتركية، فقد حان الوقت لنتحدث صراحة عن إجراءات تتخذها مصر ضد الدولتين تتجاوز الشأن الدبلوماسى، نعم العلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين القاهرة من جهة وأنقرة والدوحة من جهة أخرى، لكن هذا ليس كافياً، فالدبلوماسية المصرية عليها دور مهم فى تعرية النظامين القطرى والتركى أمام العالم، فالدولتان رغم ما يقال عن تمتعهما بنظام اقتصادى قوى، لكنهما من أكبر الدول القمعية، ويكفى أن نشير إلى أن تركيا سجنت، مؤخراً، أكثر من 140 صحفياً، وأغلقت عشرات الصحف والإذاعات المعارضة لحكم أردوغان، ولا يمر يوم إلا ونسمع عن حملات أمنية ضد المعارضين، ووصل الأمر إلى أن أوربا أصبحت كارهة لتصرفات أردوغان القمعية فى تركيا، ولا تقل قطر عن تركيا، فهى دولة لا تعترف بمبدأ الحرية مطلقاً، بل إن من يعارض الأسرة الحاكمة ولو لفظاً مصيره إما السجن أو القتل.
تركيا وقطر تفكران فى اتجاه واحد وهو تهديد استقرار الدولة المصرية، ولن تتوقفا حتى يصلا إلى غرضهما، ونحن علينا أن نكون يقظين جيداً لألاعيبهم وتحركاتهم الدنيئة والخبيثة.