"ستحب مديحة كامل جدًا" هذا ما ستشعر به بعدما تنتهى من كتاب "مديحة كامل .. سنوات الظهور والاختفاء" للكاتب الصحفى محمد سرساوى، والصادر حديثا عن دار لرواق للنشر والتوزيع.
انطلق محمد سرساوى فى تتبع سيرة مديحة كامل المولودة فى أغسطس فى سنة 1946، العام نفسه الذى قدم فيه نجيب الريحانى مسرحية "30 يوم فى السجن"، والتى شاركت مديحة بعد 20 عاما بالتمام والكمال أى فى سنة 1966 فى تحويلها إلى فيلم سينما، وذلك بعد عامين من دخولها المجال الفنى 1964، بعد رحلة مهمة فى عالم الأزياء والمسرحيات المدرسية والمسلسلات الإذاعية، كل ذلك وابنة الإسكندرية لم تبلغ العشرين بعد، لكن الأمور لم تسر بالسرعة نفسها التى تحركت بها.
دخلت مديحة كامل الفن فى سن صغيرة، رسميا فى الثامنة عشرة من عمرها، وظلت تعافر 14 عاما حتى حصلت على الفيلم الذى تستحقه "الصعود إلى الهاوية" فى سنة 1978، ثم اعتزلت كل شيء بعد 14 عاما أخرى فى سنة 1992.
وقد بذل محمد سرساوى فى الكتاب جهدًا كبيرًا، حيث اعتمد على تتبع أرشيف مديحة كامل فى أكثر من مكان، وتقريبا استطاع سرساوى أن يحصره كله، واطلع على كل المقالات، وكل الكتب التى وردت فيها سيرة الفنانة التى أحبها، وقرأ كل ذلك بصورة جيدة جدا، ثم راح انطلاقًا من محبة كبيرة يعيد بث الروح فى كل هذه المعلومات فتجسدت مديحة كامل من جديد، وراح "سرساوى" يتتبعها منذ ميلادها وحتى رحيلها فى سنة 1997.
كشف الكتاب عن شخصية مديحة كامل، فهى فتاة محبة للحياة، وفى طفولتها علمها والدها السباحة، وقال "دعوها تتعلم مواجهة الأمواج" فكبرت قادرة على المواجهةـ، لكنها فى الوقت نفسه لم تكن تحب ذلك، إنها تحب السلامة والهدوء، تحب الجمال البسيط مثل ملامحها الجميلة والبسيطة فى الوقت نفسه، لقد فرضت الظروف عليها الكثير من الوقفات مع النفس، لقد تحدت الجميع الذين أرادوا أن يحصروها فى أدوار الإغراء، تحدتهم لدرجة أنها أوشكت على إعلان اعتزالها، وأجبرتهم على تغيير النظرة إليها، وعندما جاءت لحظة الاعتزال فعلا، فعلتها مقتنعة بها، دون الهجوم على ماض أو حاضر، دون أن تصرخ ضد الفن أو معه، فجأة اتصلت بمخرج فيلم "بوابة إبليس" عادل الأعصر، وأبلغته أنها لن تكمل الفيلم، وأعطته الحق كاملا فى أن ينهيه بالطريقة التى يراها مناسبة.
الكتاب سوف يجعلك تحب الفن المصرى، حيث يقدم لك دنيا كلها حركة وشغف، كلها اكتشافات ومحاولات، بينما مديحة كامل بجمالها الأخاذ وعيونها المصرية جدا حلقة مهمة وجميلة من جميلات هذا العالم الشجى، تودعنا بكل البساطة التى انتهت بها حياتها، حيث دخلت إلى النوم ولم تستيقظ بعد.