حجم الصادرات لأي دولة هو المؤشر والمحدد لقوة اقتصادها وزيادة انتاجها المحلي وتطور القطاع الصناعي فيها وبالتالي وضعها الدولي وترتيبها فوق الخارطة العالمية.
قوة الدول تستمدها من قوة اقتصادها – إضافة بالطبع الى قوتها العسكرية وهذا بديهي- وتعكس مدى تأثيرها ونفوذها في محيطها الإقليمي والدولي. الولايات المتحدة الأمريكية يشكل اقتصادها ما بين 20-25% من مجمل اقتصاد العالم. ونصيب الصين من التجارة العالمية يزيد على 35%، حيث تجاوز صادراتها العام الماضي 6 تريليونات دولار أمريكي للمرة الأولى، ألمانيا التي تمثل نموذج التقدم بالنسبة للكثير من دول العالم الثالث بلغ حجم صادراتها العام 2020 ما قيمته تريليون و205 مليار يورو لكنها أيضا تستورد بما قيمته تريليون دولار.
من هنا يأتي الاهتمام الكبير من الرئيس السيسي بضرورة أن يصل حجم الصادرات المصرية
خلال السنوات القليلة الماضية الى 100 مليار دولار ليؤكد أن ذلك " الحلم" يتسق تماما ومكانة مصر وكثافتها السكانية وحجم العمالة فيها بشرط تحديد المسار وبداية الطريق الصحيح للوصول الى هذا الرقم من الصادرات وتشخيص الصعوبات والتحديات التي تواجه منظومة الإنتاج المصري والصادرات. ويقيني أن حلم الـ 100 مليار دولار صادرات ليس هو نهاية الحلم أو خط النهاية للحلم وانما هو بداية حتى تحتل مصر مكانتها اللائقة بها بين اقتصادات العالم خلال العقد الحالي.
المؤشرات مبشرة خلال العام الماضي وكما قال الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء مؤخرا بإن إجمالي الصادرات المصرية بلغت 45.2 مليار دولار، وهو أعلى رقم حققته مصر في تاريخها. وجاءت القفزة مدعومة بزيادة قيمة صادرات بعض القطاعات منها صادرات المنتجات الكيماوية والأسمدة والتي جاءت في الصدارة.
بما يعني بأن الصادرات غير البترولية كما صرحت وزيرة الصناعة والتجارة الدكتورة نيفين أمس نجحت خلال عام 2021 في تحقيق مؤشرات إيجابية حيث بلغت ولأول مرة في تاريخها 32 مليارا و128 مليون دولار مقابل 25 مليارا و427 مليون دولار خلال عام 2020 بفارق 6 مليارات و701 مليون دولار، محققة زيادة كبيرة بنسبة 26%.
ماذا يعني ذلك...؟
يعني أن هناك قدرة للقطاعات الإنتاجية على التجاوب مع إرادة القيادة السياسية واهتماها بهذا الملف البالغ الأهمية خاصة وأن الصادرات تمثل أحد أهم المصادر الرئيسية للاقتصاد القومي وعنصر أساسي في جلب العملة الصعبة ومن ثم زيادة الاحتياطي النقدي من العملات الأجنبية.
الرئيس مع مطالبته بزيادة القدرة التصديرية يركز على دعم وتحفيز القطاع الصناعي وتعظيم دوره في دعم الناتج المحلي الإجمالي، فالصناعة المصرية حققت العديد من المؤشرات الإيجابية خلال عام 2021 تمثلت في تحقيق معدل نمو صناعي 6.5% خلال العام المالي 2020/2021، كما بلغت مساهمة الناتج الصناعي نحو 17% في الناتج المحلى الإجمالي، كما أسهم قطاع الصناعة في توفير الآلاف من فرص العمل خلال عام 2021 وذلك على الرغم من الظروف والتحديات الصعبة التي واجهها الاقتصاد العالمي.
وبلغ عدد المصانع الحاصلة على سجل صناعي وبدأت الإنتاج الفعلي خلال عام 2021 نحو 2778 مصنعًا فى مختلف الأنشطة الصناعية باستثمارات تبلغ 17 مليارًا و993 مليون جنيه وتوفر 181 ألفًا و452 فرصة عمل جديدة فى 27 محافظة. كما تم افتتاح عدد 5 مجمعات صناعية في الأقصر بنى سويف والمنيا والبحر الأحمر قنا بإجمالي 1178 وحدة تعمل فى قطاعات مواد البناء والصناعات الكيماوية والهندسية والغذائية والنسيجية ومواد البناء الديكورية.
القطاع الصناعي يستوعب 15% من العمالة المنتظمة، ويساهم في نشاط التصدير بنسبة تتراوح بين 80% و85% من إجمالي الصادرات السلعية غير البترولية والرئيس يؤكد دوما بأن القطاع الصناعي هو قاطرة التنمية، وأن إزالة معوقات الصناعة وتذليل الصعوبات أمام المستثمرين من شأنه أن يساهم فى ضخ مزيد من الاستثمارات فى السوق المصرية، وهو ما يؤدى بدوره إلى زيادة معدلات الإنتاج وتوفير المزيد من فرص العمل
. بلغة الأرقام يمكن القول إن القطاع الصناعي حقق نهضة وتنمية كبيرة، ساعد على ذلك ما تم اتخاذه من قرارات وتوفيره من تيسيرات دفعت مجتمع الأعمال إلى العمل والإنتاج دون توقف حتى في ظل كورونا والتي تسببت في مشاكل اقتصادية كثيرة لمعظم دول العالم، كما أن الحكومة بكافة أجهزتها تتعاون مع وزارة التجارة والصناعة لتوفير المناخ الجاذب للاستثمار فى القطاع الصناعي، حيث تم إعداد قائمة بـ 100 إجراء تحفيزي وذلك بناء على توجيهات رئيس مجلس الوزراء للنهوض بالصناعة المصرية وجذب المستثمرين للاستثمار فى القطاعات الصناعية المختلفة. كما جاء قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة تشكيل المجلس الأعلى للتصدير برئاسته ليعكس الإرادة الحقيقية للدولة المصرية في تحقيق طفرة غير مسبوقة في هذا القطاع وهو الأمر الذي يسهم في تنفيذ توجيهات الرئيس للوصول بالصادرات إلى 100 مليار دولار سنوياً.. ومن هنا يمكن القول إن السنوات الماضية تحقق فيها كثير مما كان ينادى به المستثمرون ومجتمع الأعمال وهو ما أدى إلى تحقيق النهضة المطلوبة والتي تليق بما تشهده قطاعات الدولة المختلفة من إنجازات تليق بالجمهورية الجديدة، ولكن لايزال أيضا هناك الكثير من العمل الذي ستواصل أجهزة الدولة المختلفة القيام به من أجل استمرار التنمية والوصول بالاقتصاد المصري إلى مراتب أعلى، وتحقيق معدلات نمو أكثر ارتفاعا خلال الفترات المقبلة
كما أن هناك جهود كبيرة في ملف رد مستحقات المصدرين سواء بمبادرة خصم 15% ورد باقي المستحقات 85% للمصدرين، وتم صرف قرابة 43 مليار جنيه للمصدرين خلال السنوات الماضية، وهذا بالتأكيد وفر المزيد من السيولة النقدية للمصانع المصدرة، مما ساهم في الارتفاع بأرقام الصادرات مؤخراً
اذن هناك إرادة وحلم وتحقيق رقم 100 مليار دولار صادرات ليس بالأمر المستحيل ويبدو هذا الرقم في استراتيجية القيادة السياسية مسألة مرحلية يمكن بعدها تجاوز الرقم الى أرقام آخري بشرط تحقيق المطلوب للنهوض بهياكل الإنتاج المصري وتطبيق منظومة التكنولوجيا في العملية الإنتاجية وخلق أجيال جديدة من المصنعين ترتكز على العلم والتكنولوجيا في التصنيع والإنتاج