منذ أسابيع قليلة أرسل لي الصديق العزيز المهندس محمد أبو سعدة رئيس جهاز التنسيق الحضاري كتاب الإنجازات التي قام بها الجهاز خلال عام 2021، ومنها بالطبع مشروع تطوير القاهرة الخديوية، ومشروعات أخرى خارج القاهرة في الإسكندرية وشرم الشيخ وبورسعيد.
الكتاب أيضا ألمح إلى مشروعات الجهاز المقترحة خلال العام الجديد، ومنها مشروع تطوير ميادين مصر بالتنسيق مع وزارة التنمية المحلية التي أعلنت على لسان وزيرها اللواء محمود شعراوي بتخصيص ما يقرب من 20 مليار جنيه في الخطة الاستثمارية للوزارة للعام المالي الحالي، لدعم الاحتياجات العاجلة والطارئة للمحافظات، ومنها تجميل الميادين العامة التي تم حصرها وتطوير الحدائق، وتحسين البيئة، ومد شبكات الكهرباء والإنارة، ورصف الطرق وذلك بهدف تحسين الخدمات المقدمة للمواطنين وتلبية احتياجاتهم.
فالدولة منذ 2015 قررت إعادة الوجه الحضاري والثقافي لكل مدن مصر وميادينها- بداية من القاهرة- بتطويرها، وطلاء واجهات المباني ورفع كفاءة الطرق والأرصفة بهدف تحسين الصورة البصرية، وتحقيق القيم الجمالية في البيئة العمرانية على مستويات المـدن والمراكز والقـرى المصرية.
المشروع القومي الضخم والرائع يشمل 27 ميدانا بالتنسيق مع التنسيق الحضاري وبما يتناسب مع الطابع المعماري لكل منطقة ومدينة ومحافظة، والحفاظ على الرؤية البصرية والطابع العمراني الحضاري الذى يميز كل محافظة. والمهم أن الـ27 ميدانا هى المرحلة الأولى من تطوير حوالي 40 ميدانا في 16 محافظة.
من بين هذه الميادين التي سيتم تطويرها – وهو ما يهمني التركيز عليه بحكم الانتماء الجغرافي والتاريخي- ميدان إبراهيم الدسوقي في مدينة دسوق، وهو واحد من أكبر ميادين الأولياء في مصر، وربما يكون هو الأكبر على الإطلاق من بين ميادين المساجد في مصر.
هذا الميدان عانى كثيرا طوال أكثر من ربع قرن أو أكثر من العشوائية والإهمال وعدم الاهتمام بتطويره، بما يليق به كميدان سياحي ومتنزه لأهالي المدينة والسياح والزوار القادمين، فهو في جانبه الجنوبي يقع مسجد الدسوقي أحد أقطاب الصوفية في مصر، وفي الشمال فرع رشيد من نهر النيل باتساعه اللافت في هذه المنطقة.
للأسف الميدان يشهد كافة أشكال فالفوضى من باعة جائلين ومتسولين ومركبات التوك توك والحناطير وعربات الكارو، وفوضى مرورية لا مثيل لها، رغم المزايا التجارية والسياحية للميدان والذي يمكن أن يكون – لو تم تطويره بالشكل المثالي- أن يمثل موردا ماليا كبيرا للمدينة وللمحافظة، بسبب وجود مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي، والذي يتوافد اليه الآلاف كل يوم جمعة، ويحتشد أكثر من مليون زائر من دول إسلامية كثيرة في ذكرى مولده.
بالتأكيد أهالي المدينة ينتظرون مشروع التطوير الذي يتضمنه كتاب إنجازات جهاز التنسيق الحضاري، بل يمكن أن يشمل المشروع المقترح أيضا مشروع ينظر إليه أهالي دسوق بأنه "مشروع حلم"، وهو إحلال وبناء أراضي مبنى الشبان المسلمين وغير مستغلة من سنوات طويلة إلا من بعض محلات الفسيخ والذهب والحلوى.
المشروع تم تقديمه لمحافظ كفر الشيخ منذ حوالي 5 سنوات تحت مسمى "دسوق الجديدة"، والهدف منه تغيير شكل الميدان الإبراهيمي وتطويره وتعظيم الاستفادة من المبني حيث يقام على مساحة 4000 متر ولا يستفيد منه غير منتفعي المحلات وعددهم تقريبا 72 محلا، والهدف من تطويره هو اقامة بناء حديث متعدد الطوابق ويقام به فندق وقاعة مؤتمرات كبيرة وتستفيد الدولة بإنشاء اسواق متعددة الطوابق وستدير دخلا عظيما
المشروع الحلم يتمنى منه الأهالي أن يشمل فندقا وقاعة كبرى المؤتمرات فقد اختفت الفنادق من المدينة وتم هدمها وبناء أبراج سكنية بعد يناير 2011، كما انه من حق المدينة التي هي عضو في منظمة المدن الإسلامية اقامة واستضافة مؤتمرات نظرا لوجود القطب الصوفي ابراهيم الدسوقي.
المشروع أخذ خطوات التنفيذ وإقناع أصحاب المحلات بالإخلاء المؤقت وتوقيع عقود معهم بحضور المحافظ وتقرر بناء المحلات البديلة لهم على اساس انه سيتم تمكينهم بعد ٦اشهر من محلاتهم الجديدة وتم مخاطبة كلية الهندسة جامعة الإسكندرية وتم ارسال الشكل الهندسي
وبعد ذلك لجأ بعض المنتفعين للقضاء وتوقف المشروع برمته.
نحن الآن أمام فرصة ذهبية مع مشروع تطوير الميدان أن يتضمن مشروع دسوق الجديدة أو "آب تاون دسوق" الذي ينظر إليه أهالي المدينة بأنه مشروع قومي كبير يحقق للمدينة نقلة نوعية ويفتح الباب أمام فرص عمل للشباب.