تطورنا فى المادة العلمية، وملأت الجامعات والمراكز البحثية الدنيا كلها، وحمل معظم سكان الكوكب ألقابًا ودرجات علمية، لكن يبدو أن كل هذه المظاهر أثرها فى الحياة قليل، فكما نرى أن مجرد "فيروس" جعلنا ندور حول أنفسنا، وها هو العالم يخرج من حرب ليدخل أخرى، والواضح أن الإنسان نفسه لم تصبه الثقافة بأى لين أو رؤية، بل صار أعنف فى ردود فعله، وصار مجادلًا فيما لا طائل منه.
لو قلت لك إن العالم لم يتغير كثيرًا عن عصوره الظلامية، فصدقنى واسأل نفسك ما الذى جدَّ علينا؟ لا شيء إننا نتحدث كثيرا عن الحضارة لكن لا أثر لها فى حياتنا، وقد صدق الشاعر الكبير نزار قبانى إذ يقول "لبسنا قشرة الحضارة والروح جاهلية".
كى تعرف مدى تحضر الناس ابحث عن التفاصيل الصغيرة، فجميعنا يتحدث بصورة جيدة، جميعنا يعتقد أنه متحضر ومثقف ويحمل رؤية وأنه عاقل ورحيم وأن ما يقوم به هو عين الصواب، لكن وراء الكلام يوجد الكثير والكثير من التحجر الفكرى والتغاضى عن الحق والرغبة فى الإيذاء بل وفعل الإيذاء نفسه.
لم يتحرك العالم للأمام، لقد وقف بكامل إرادته عن نقطة ميلاده، جاء الدين والعلم ليساعداه على تهذيب روحه وعقله، لكنه للأسف يغمض عينيه عن كل شيء، ثم يقف أمام كاميرا ويقول "عادى.. دى عوايدنا".