يوما بعد يوم تثبت المنظمات الحقوقية الدولية وفى مقدمتها «منظمة العفو- أمينيستى» وهيومان رايتس ووتش، أنها مجرد دكاكين استخباراتية تقوم بأقذر المهام والأدوار لمصلحة الدول الغربية الكبرى، وما فضيحة منظمة العفو الأخيرة وتحريضها السلطات الإيطالية فى قضية ريجينى إلا مجرد سطر جديد فى السجل الأسود للمنظمة التى تديرها أجهزة الاستخبارات الغربية.
جامعة كامبريدج تعرضت لهجوم صريح من السلطات الإيطالية فيما يتعلق بقضية الباحث جوليو ريجينى، واتهم نائب وزير الخارجية الإيطالى مسؤولى الجامعة صراحة بتعطيل التحقيقات وإخفاء معلومات فى القضية، كما اتهم المحققون الإيطاليون المشرفين على ريجينى فى الجامعة بعدم ضمان أن عمله البحثى لن يعرضه للخطر.
هذا الهجوم العنيف بالإضافة إلى كشف الصحف الإيطالية عن ضلوع عناصر إخوانية ومخابراتية بريطانية فى الإشراف على ريجينى ودفعه إلى مناطق بحثية ميدانية خطرة فى مصر، كشف نقاطا جديدة فى القضية يمكن أن تؤدى إلى حلها وتحديد الجماعة أو الأفراد الذين لهم مصلحة فى قتله وإحداث أزمة سياسية واقتصادية بين مصر وإيطاليا، الأمر الذى يقتضى تدخلا سريعا من مجموعات العمل الاستخباراتية لتخفيف الضغط على جامعة كيمبردج وتحويل الأنظار باتجاه الشرطة المصرية مرة أخرى ، فكان لابد أن تتخل منظمة من المنظمات إياها ليبدو الأمر حقوقيا إنسانيا لكن السحر يبدو أنه انقلب على الساحر.
الخارجية المصرية لم تسكت على هذا التحريض السافل والفج، واعتبر المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمى باسم الوزارة، أن أسلوب التحريض الجديد الذى بدأت تنتهجه منظمة العفو الدولية ضد مصر، منحى جديدا فى أسلوب الاستهداف، بعد أن دأبت على توجيه انتقاداتها فى السابق من خلال تقارير دورية، وتساءل أبو زيد عن موقف المنظمة الحقوقية الدولية من عدم تعاون جامعة كامبردج مع أسرة الطالب الإيطالى ورفضها موافاة محامى الأسرة بأية معلومات قد تسهم فى الكشف عن أسرار الحادث.
وأقول للمستشار أبو زيد أنت تعرف أن مثل هذه المنظمات مجرد دكاكين استخباراتية، وكان عليك أن توجعها بأشد العبارات الدبلوماسية قسوة، لأنها لن تتوقف عن الشرشحة وضرب التقارير التى تخدم المصلحة البريطانية، بل إن بريطانيا نفسها كما تعلم، أصدرت قرارا غريبا بتعليق رحلات طيران شركة الخطوط البريطانية المعلقة أصلا إلى شرم الشيخ، لتوحى للشركات الأخرى بالموقف نفسه، وهو ما لم يحدث لكن يمكن التوقف عنده وتفسيره ووضعه فى سياقه السياسى والتعامل معه.
تاريخ هذه المنظمة معنا أسود، فهى لا تترك موقفا فى صالح الإدارة المصرية أو ضدها إلا واستغلته لتوجيه الانتقادات للحكومة المصرية، فعندما كانت قوافل الهجرة غير الشرعية تمر من أفريقيا إلى إسرائيل عبر سيناء انتقدت المنظمة تساهل مصر مع عمليات الهجرة غير الشرعية وتجارة البشر وعندما شددت السلطات المصرية قبضتها على كل النقاط والدروب التى يستخدمها المهربون، انتقدت المنظمة نفسها تعامل أجهزة الأمن مع عمليات تهريب البشر عبر سيناء إلى إسرائيل.
ونذكر المنظمة الدولية فى هذا السياق، بموقف عدد من الدول الأوربية غير الإنسانى تجاه المهاجرين واللاجئين من أفريقيا، وذلك تحت سمع وبصر المسؤولين فى المنظمة التى لم تتخذ يوما موقفا مناصرا للمهاجرين واللاجئين من أفريقيا إلى أوروبا.
تسييس المنظمات الدولية، وفى الصدارة منها منظمة العفو الدولية، لا يضعف فقط النظام الدولى العام فى المراقبة وإعمال الحقوق الدولية، وإنما يساهم فى تكريس أشكال العدوان وتعميق الشعور بالظلم وعدم الجدوى واللجوء للحلول المتطرفة لدى فئات ودول تلمس بوضوح انتقال نظام الكيل بمكيالين من سياسات الدول الكبرى إلى سياسات المنظمات الدولية.