التريند خدعة.. والمليون ليس أكثر من 1%

إعلان الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد سكان مصر بالداخل وصل إلى 103 ملايين نسمة اليوم الثلاثاء، يقودنا إلى فكرة مهمة يجب أن نعتبرها ونفسرها جيدا، وهي ظاهرة "التريند"، التي باتت تحرك الجماهير وتتحكم في وسائل الإعلام، وتسيطر على المجتمع، لمجرد أن هناك 100 ألف بحث على كلمة أو جملة معينة، سواء على المحركات العملاقة مثل "جوجل" أو وسائل التواصل الاجتماعي، فيس بوك وتوتير وانستجرام وتيك توك وغيرها. التريند قد يكون معبراً عن الواقع، لكنه يظل جزءً بسيط في هذا المجتمع الكبير القديم، الذي يزخر بالعادات والتقاليد والثقافات، التي تختلف من محافظة لأخرى، بل من قرية لأخرى، لذلك فكرة التريند التى يلتف حولها الجميع وينشغل لها الرأي العام ليست حقيقية، فقط تكتسب زخما وترتيباً، وتتوهج وتلمع نتيجة التركيز الإعلامي الكبير، فالنفخ في الجمر الملتهب سرعان ما يحوله إلى نار مُسعرةـ ويتحول معها التريند إلى قضية رأى عام، حتى وإن كان تافها، أو يحمل مضاراً على السلام الاجتماعي. نجوم الـ 8 ساعات الذين يظهرون ويختفون دون سابق إنذار، ومقاطع الفيديو التي تحصد ملايين المشاهدات، وعشرات الآلاف من اللايك والشير والتعليقات، والمصطلحات الجديدة، وشبيه رشدي أباظة، وسيدة النعناع، ويوسف سوستة، والمعلمة عسلية، مظاهر مخجلة للتريند، وصورة حية لعشرات النجوم المتساقطة يومياً في ذلك المستنقع. الحالة التي يصنعها التريند في المجتمع خطيرة وكارثية، بعدما توجه عدد كبير من الشباب إلى منصات السوشيال ميديا لاستعراض قدراتهم على التمثيل والأداء، سعياً خلف الثراء السريع وحصد الأرباح من حصيلة المشاهدات، أيا كانت المادة التي يقدمونها، بل إن بعضهم تركوا وظائفهم وجلسوا خلف الشاشات، وصاروا قدوة للمئات من متابعيهم، لتصبح النتيجة ترك العمل والإنتاج، والتفرغ إلى تقديم مشاهد على التيك توك، والفيس بوك، ويو تيوب، وتخريب عقول النشء والأطفال. مصر دولة كبيرة، وأهم وأعظم من أن يتحكم فيها "تريند" أو لقطة أو مشهد، وأتصور أن الجزء الغاطس في الموضوع أن هذا الشعب القديم لا يمكن أن يحكمه تريند أو يتفق على مشهد أو لقطة مهما كانت مهمة أو مؤثرة، لذلك لا يجب تسويق الموضوع على طريقة "الناس عاوزه كده"، أو "رأى الجمهور"، فلا يمكن لأحد أن يمارس وصاية أو يفرض رأياً على كل هذا الجمهور، فهناك نماذج تعيش بيننا تأكل الطعام وتمشى في الأسواق، ولا تعرف السوشيال ميديا، أو الهواتف الذكية، ولا تمتلك حتى جهاز تلفزيون، لذلك من الخطورة أن نتجاهل كل هذه الشرائح في بلد نسبة الأمية تصل فيه إلى %25.8، أي أن بها ما يزيد على 26 مليون مواطن لا يجيدون القراءة والكتابة، فهل يمكن لأحد الجزم بأن هؤلاء جزء من التريند؟! لا أصدق في نظرية المؤامرة، ولا أهتم لها كثيراً، لكن السؤال الحائر، لماذا يرتبط التريند دائماً بالسلبيات والنماذج المسيئة للمجتمع، ولا نراه مرة واحدة نابع من فكرة جذابة أو قضية قومية أو عمل عظيم أو مشروع كبير، أو إنجاز حققته الدولة وعاد نفعا على المجتمع؟! وكأن مصر لا يوجد بها سوى المشردين والأشباه والأقزام، في حين أنها دائما ولادة وقادرة وقوية ورقم صحيح في كل معادلة، لذلك أتمنى أن نتخلى عن ملاحقة التريند، فليس معنى فيديو حصد مليون مشاهدة، ربما أكثر أن يصبح ترينداً، فالمليون في مجتمع الـ 100 مليون ليس أكثر من 1%.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;