النكتة بتقول إنهم قالوا للزوج: إلحق مراتك ظبطوها مع الكهربائى..فرد بكل برود قائلا: كهربائى مين..؟! دا لاكهربائى ولابيفهم فى الكهربا..!!
تذكرت هذه النكتة وأنا أتابع على مدى أسبوع كامل مايردده بعض المسئولين والخبراء، خاصة خبراء سوق المال، وبعض رؤساء منظمات الأعمال من تبريرات لما يحدث فى السوق حاليا من تطورات سلبية بسبب رفع البنك المركزى سعر الفائدة بنسبة 1%..
فكل ما تابعته من تبريرات يؤكد أن الكثيرين " حافظين مش فاهمين"..حافظين اللى موجود فى الكتب ومش فاهمين ما يحدث فى السوق على أرض الواقع.. وهو نفس منطق الرجل الذى أبلغوه إن زوجته ضبطوها مع الكهربائى..!!
فمنذ أن أعلنت لجنة السياسات بالبنك المركزى يوم الخميس الماضى عن رفع سعر الفائدة بعد إجتماعها الذى إستمر لأكثر من خمس ساعات، والخبراء والمحللون يعيدون على مسامعنا ما يحفظه تلامذة الثانوية "العميا" عن ظهر قلب وهو" أن رفع سعر الفائدة يؤدى إلى تراجع الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة"؛ وكأن القرار الإستثمارى الذى يتخذه هذا المستثمر أو ذاك رهن فقط برفع أو خفض سعر الفائدة دون حساب أو مراعاة باقى العوامل المحفزة أو غير المحفزة..وهو كلام غير واقعى على الإطلاق..
فقد يدخل المستثمر السوق ويمضى قدما فى إستثماره رغم ارتفاع سعر الفائدة؛ لإن دراسة الجدوى الإقتصادية، الخاصة بالمشروع، تؤكد أن عائد المشروع وأرباحه مرتفعة بحيث يمكنها أن تعوض أى إرتفاع فى الفائدة..كما يمكن أن يحدث العكس..أى أن يحجم المستثمر عن الإستثمار فى سوق ما رغم إنخفاض سعر الفائدة فى البنوك ؛ لأن السوق غير آمن أو أن الاستثمار فيه غير مجدى.
كما أن ارتفاع الفائدة قد لايؤثر على الإطلاق على القرار الاستثمارى إذا ما توافرت لدى المستثمر موارده الذاتية لتنفيذ مشروعه دون أن يلجأ للاقتراض من البنوك..هذا فيما يتعلق بحركة الاستثمارات المباشرة التى توقع الكثيرون أن تتراجع خلال الفترة القادمة بسبب رفع أسعار الفائدة.
أما فيما يتعلق بالإستثمارات غير المباشرة فى البورصة المصرية تحديدا..فهى تثير الضحك ،الذى هو كالبكا، كما تثير المخاوف من بعض الذين يلعبون فى البورصة ويتلاعبون بها بل وبالإقتصاد كله.
فقد بدأت البورصة مع بداية الأسبوع الماضى سلسلة من الانخفاضات، التى أقرب للانهيار، بزعم أن ذلك تأثرا برفع أسعار الفائدة..حتى أنها خسرت فى يوم واحد حوالى 8 مليارات جنيه بسبب ذلك الزعم.
ومن يتابع البورصة عن قرب يرى أن حيتانها المسيطرون عليها "بيتلككوا" على أى حاجة لكى يبرروا انخفاضها المستمر على مدى ثلاث سنوات..ففى كل يوم حكاية ورواية..مثلا فى إحدى المرات قالوا أن سبب الإنخفاض هو توقع تراجع معدل النمو فى الصين مش عارف بنسبة إيه من المية فى المية..وهو كلام أفكه من نكت الصعايدة بتاعة اليومين دول..وكأن بورصتنا ظابطة ساعتها على بورصات شرق آسيا باللحظة والثانية..بل والفيمتو ثانية..!
والأنكت من ذلك أنه إذا انخفضت أسعار البترول أو ارتفعت انخفضت الاسعار فى البورصة المصرية فكله زى بعضه..عند حيتان البورصة صابون..!
والغريب أنه حتى فى حالة الأخبار الاقتصادية الإيجابية تنخفض البورصة..فمع بدء انعقاد المؤتمر الإقتصادى بشرم الشيخ إنخفضت البورصة ؛ واستمرت فى الإنخفاض..ومع افتتاح قناة السويس الجديدة تراجعت البورصة تراجعا هو أقرب للانهيار..
وقد أدى التراجع الحاد فى البورصة إلى فقدان معظم الأسهم لأكثر من نصف قيمتها الاسمية..فالسهم الذى كانت قيمته جنيها، مثلا، أصبح الآن بخمسين قرشا فقط..وبعض الاسهم تراجعت قيمتها الأسمية بحوالى 60%..!
وأى نظرة سريعة لشاشات البورصة تؤكد هذه الحقيقة المؤلمة.
كل هذه الشواهد تؤكد أن هناك لعب وتلاعب من تحت الترابيزة فى البورصة المصرية..وكان صغار المتعاملين هم أول الضحايا وأكثرهم تأثرا بما يحدث حتى أن بعضهم ممن أغرته لعبة " الشراء الهامشى" التى حذرت منها أكثر من مرة خسر الجلد والسقط..يعنى خسر أمواله كلها فى البورصة بعد أن إقترض بضمان الأسهم ففقد الأسهم ومبلغ القرض بعد تراجع القيم السوقية والأسمية لأغلب الأسهم.
إن ما يحدث فى البورصة يحتاج لوقفة عاجلة وحازمة من الأجهزة المعنية؛ حتى لانستيقظ ذات صباح على كارثة اقتصادية واجتماعية وإنسانية لم تكن لا على البال ولا الخاطر..فعلها الحيتان الكبار ووقع ضحايا لها الصغار.