لم تمر أيام قليلة على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية حتى صمت أصحاب الدم الخفيف الذين كادوا يصيبوننا بصدمة عصبية وهم يتحدثون عن إفيهات سمجة حول الحرب (نحن جيل شهدنا ثورات عالمية وتنقصنا حرب عالمية – إننا ننتظر الأوكرانيات) وغير ذلك من الجمل الكاشفة عن سخف عظيم، صمتوا بعدما تأكدوا أن الحرب ليست "إفيه" وليست مجالا لإثبات قدرتهم على المزاح، وقد تعجبت منهم منذ البداية فعلا، فمتى كانت الحرب "إفيه" أصلا؟.
إن الحروب على مدى الأزمنة حلقة سوداء، نذهب إليها فقط كى ندافع عن أرضنا وأنفسنا لأنه لا سبيل أمامنا غير ذلك، وقد اهتم المؤرخون دائما برصد الحروب وآلامها حيث يحتفل الفائزون ويصمت الذين لحقت بهم الهزيمة، لكن خلف الفوز والهزيمة أحزانا رابضة لا تغادر، أحزانا تعرفها الأمهات اللواتى خرج أبناؤهن للحرب ولم يعودا بعد.
وقد توقعت أن السوشيال ميديا التى هى جزء من العولمة بمعناها الكبير ستساعد على مزيد من التعاطف، لكن ذلك لم يحدث للأسف، توقعت أن المعلومات التى أصبحت متاحة ستعمل على مزيد من دعوات الوقوف ضد الحروب، لكن ذلك لم يحدث أيضا.
وفى قصيدته الشهيرة "لا تصالح" وعلى الرغم من اختلاف السياق لكن الشاعر الكبير أمل دنقل استخدم تعبيرا مهما عن الحرب "قد تثقل القلب" وبالفعل هى كذلك تثقل القلب وتعطل العقل وتحول الناس إلى مجر رقم فنقول مات ألف شخص، نقول رقما ولا ننتبه إلى أنه خلف الرقم ألف حياة وألف حلم وألف أسرة أصبحت فى مهب الريح.
لذا صلوا كى تنته الحروب فى العالم، وأن يسود السلام أو حتى قليلا من السلام فى الأرض.