لا صوت يعلو فوق حرب روسيا وأوكرانيا وتداعيات هذه الحرب على الاقتصاد العالمى ككل، وما يهمنا هنا هو تأثيرات هذه الحرب على الاقتصاد الوطنى في ظل تأكيد خبراء بأن هناك عدة ملفات مؤكد تتأثرها بهذه الأزمة، أبرزها ملف القمح وقطاع السياحة وأسعار النفط، ومدى تأثير هذا سلبًا على الموازنة العامة للدولة، لكن ما يدعو إلى التفاؤل أن لدينا إرادة سياسية قوية تسعى جاهدة إلى عبور الأزمة بسلام، خاصة أن هناك نموذج نجاح لهذه الإرادة تجسد فى قدرتها في التعامل مع جائحة كورونا العالمية في وقت عانت دول عظمى من ويلات هذه الجائحة.
فمن المؤكد أن هذه الحرب سيكون لها تداعيات كبيرة على السلع والأسعار، لأننا لست نعيش في منعزل عن العالم، لكن هناك أيضا عدة مبشرات نسلط الضوء عليها اقتداءً بقول نبينا الكريم "تفاءلوا بالخير تجدوه" فمن المبشر أن صادرات مصر من الغاز الطبيعي فى تزايد منذ عام 2018، حيث تحولت مصر منذ هذا العام من دولة مستوردة للغاز إلى مصدرة، ويتوقع أن يرتفع الإقبال على الغاز المصرى لتعويض نقص إمداد الغاز لأوروبا حال تزايد حدة التوتر، وقد تصل إلى أسعار الغاز إلى أرقام قياسية، وهذا ما يبشر أيضا بوضع مصر على الخريطة العالمية للطاقة وتصدير الغاز في ظل الدور الذي تلعبه القاهرة ضمن "منتدى غاز شرق المتوسط".
وكلنا ثقة فى قدرة الحكومة فى التعامل مع ملف القمح، فنعم سيكون هناك أزمة فى ظل استيرادنا أكثر من 40% القمح لكن ما يبشر تصريحات الحكومة حول أن القمح موجود في كل مكان، وأنه تم التوسع فى زراعة القمح ورفع كفاءة الإنتاج للفدان 3 أضعاف، والقيام بتعدد مصادر الإمداد من الأقماح، خلاف أن الخبراء يؤكدون أن اعتدال المناخ في مصر هذا العام سيزيد من حجم محصول القمح، والأهم تحوط الحكومة بحرصها على تأمين المخزون الاستراتيجي للقمح ليصل إلى 5 أشهر بالإضافة إلى أنه بداية مايو المقبل، سيتم ضم المحصول الجديد ليرتفع إجمالي المخزون الاستراتيجي لـ9 شهور مما يمنح أمانا أكثر ويتعايش الاقتصادى العالمى مع مستجدات وتطورات هذه الحرب.
أما فيما يخص قطاع السياحة وتأثرها بالحرب، نقول إنه من استطاع أن يحافظ على هذا القطاع خلال جائحة كورونا، والذى أصيب بالشلل التام بسبب حظر الطيران وغلق المطارات وقيود الوباء، وتأثره أيضا بحادث سقوط الطائرة الروسية، قادر على أن يواصل الحفاظ عليه في ظل حرب روسيا وأوكرانيا، بالإضافة إلى أن هناك أمورا مطمئنة وفقا للخبراء، مفادها أن عدد رحلات الطيران القادمة من أوكرانيا تراجعت تدريجيًا إلى 5 رحلات أسبوعيًا منذ حوالي شهر قبل أن تتوقف نهائيًا، وتمثل هذه الرحلات نسبة 3-4% من إجمالي الرحلات السياحية الوافدة لمصر، غير أن السياحة الأوكرانية لا تؤثر على إيرادات السياحة المصرية لأنها الأقل إنفاقا وعددا.
وكما قلنا، من المؤكد سيتم ارتفاع أسعار الطاقة جراء الحرب، لكن وفقا لتصريح متحدث الحكومة المصرية، بأن هذا قد يكون له فائدة لمصر، حيث من الممكن تصدير أكبر قدر من الغاز الطبيعى الموجود لدينا ونستفيد من فارق السعر، والذى سيكون بالعملة الصعبة في تغطية فارق سعر النفط وكذلك القمح.. لذا يجب علينا أن نتوجه بجرس إنذار، بضرورة أن يقوم الجميع "أفراد ومؤسسات" بمسئولياته، وأنا هنا أوجه رسالة للمواطن فكما دعوتك للتفاؤل، أدعوك بضرورة الوعى تجاه وطنك خاصة فيما يخص الترشيد والتخلى عن ثقافة تخزين السلع ونشر الهلع والشائعات لأن مثل هذه التصرفات هي من تعرقل جهود الحماية وتزيد من تفاقم الأزمة التي سيدفع ثمنها الفقير أولا، وأخيرا ندعو الله بحفظ مصر والمصريين، وأن يعم السلام على الأرض..