لا أعرف كيف يضع الرئيس الأوكراني، فلاديمير زيلينسكي، خططه وتقديراته للحرب في مواجهة الجيش الروسي، بعدما قرر إعفاء الأجانب "المرتزقة"، الذين يصلون إلى البلاد للمشاركة في القتال ضد روسيا من تأشيرات الدخول، ليفتح بذلك بلاده أمام المجرمين والقتلة المأجورين والخارجين عن القانون من مختلف دول العالم، فلو لم يتم تخريب بلاده نتيجة الصراع مع الروس، سيتم تخريبها على أيدي المقاتلين الأجانب والمليشيات المسلحة، التي ستصبح لها أطماع ونفوذ كبيرة في المستقبل القريب.
دخول المرتزقة إلى أوكرانيا بدون تأشيرات أو أوراق خطر يهدد أمن المجتمع الأوكراني، خاصة أنهم لا يعرفوا إلا لغة المال، ولن يتحركوا للقتال بدافع وطني أو حبا في أرض بلادهم، بل من أجل المكاسب المادية فقط، لذلك لن يهتموا لأمر تدمير البنية التحتية، ولن يتراجعوا عن سرقة المواطنين كلما سنحت الفرصة، بل سيكونوا أول من ينسحب أمام الروس، بعد التأكد من أن المعركة ليست لصالحهم، لذلك يجب أن يتوقف الرئيس الأوكراني عن أفكاره المستمدة من الأفلام والمسلسلات، ويدرك خطورة الوضع الراهن، وما قد يترتب عليه من نتائج كارثية، تمتد آثارها لسنوات طويلة، وتؤثر بصورة خطيرة على المجتمع الأوكراني.
أتصور أن زيلينسكي يحاول إحراج روسيا أمام المجتمع الدولي، مستغلا المذبحة المتوقعة عند دخول كييف، لكنه لا يدرك حجم الدمار والتخريب المتوقع نتيجة الاشتباك مع الجيش الروسي، و المعركة غير المتكافئة مع وحدات وجنود على أعلى مستوى من التدريب والخبرة والكفاءة، فالرجل لا يعرف خطورة وأبعاد الموقف، ولن يخرج من هذه الكارثة إلا على مشهد الشوارع غارقة بالدماء.
موسكو تنتظر المفاوضات الجادة والتحرك الحقيقي، والضمانات الفعلية، التى تحقق حماية أمنها القومي وعدم العبث في حدودها الجنوبية، ودورها في شرق أوكرانيا، بالإضافة إلى إعلان صريح من كييف بعدم الدخول في حلف الناتو، وأعتقد أن روسيا بإمكانها اجتياح الأراضي الاوكرانية بالكامل في ساعات معدودة، لكنها ما زالت تعتبرها ورقة هامة في المفاوضات المرتقبة، وستلجأ لاحتلال العاصمة، إذا لم تجد مفاوضات مجدية أو تفاعل حقيقي من أوروبا وأمريكا تجاه مطالبها.
المواجهة العسكرية بين أوكرانيا وروسيا محسومة لا محالة لصالح موسكو، ولن تمنعها حشود المرتزقة، أو محاولات تسليح المدنيين، وفق كل الروؤى الاستراتيجية والعسكرية، لذلك يجب أن تدرك أوكرانيا حقيقة هذا الوضع، خاصة بعدما تعرض جيشها لخسائر فادحة على مدار الأيام الماضية، فقد خلالها أسلحته الدفاعية، ومنظومة صواريخ الأرض - جو، بالإضافة إلى أهم المطارات ونقاط الارتكاز، ومحاور التحرك، لذلك لا يجب اللعب مع موسكو بالنار، فالأخيرة تمتلك ثاني أقوى جيش في العالم.