في خطوة مهمة نحو تحقيق العدالة الاجتماعية، والطريق نحو القضاء ومحاصرة الزيادة السكانية تلك الخطر الأكبر على التنمية المستدامة، رأينا افتتاح مؤتمر مشروع تنمية الأسرة المصرية بحضور السيد الرئيس، وما يستحق التقدير والإشادة أن الدولة الآن تحرص كل الحرص على إعلاء قضايا الأسرة المصرية على أجندة الأولويات، والسعى نحو الارتقاء بها من كافة الجوانب الصحية والاقتصادية والتعليمية والاجتماعية وليست من منظور أو جانب واحد كما كان متبع من قبل.
وما يزيد الأمر تفاؤلا بشأن نجاح مشروع تنمية الأسرة المصرية، هو امتلاك الدولة الآن قاعدة بيانات ضخمة ومحترمة لم تكن تمتلكها من قبل وذلك بفضل سلسلة المبادرات المتنوعة التي تم تنفيذها في قطاعات الصحة والحماية الاجتماعية، والتي استفاد منها عشرات الملايين من المواطنين من مختلف الفئات، وهذا بالطبع يصب في خدمة الهدف الاستراتيجي للمشروع القومي لتنمية الأسرة، والتي يتمثل في الارتقاء بحياة الأسرة المصرية والعمل على تحسين مستوى معيشتها، وهذا لا يتأتى إلا من خلال ضبط النمو السكانى.
وكلنا نعلم أن الدولة بذلت جهودا كبيرا لمواجهة النمو السكانى خلال العقود الماضية، لكن أعتقد أن الأمر في الجمهورية الجديدة مختلف تماما عما كان يتم، فالآن هناك حرص كامل على تكامل جهود جميع الجهات التى تعمل على إدارة القضية السكانية والتشبيك بينها من خلال خطة استراتيجية متكاملة، بحيث يكون الهدف الرئيسي منها ليس فقط التركيز على ضبط معدلات النمو السكانى المتزايد بل هو إدارة القضية السكانية من منظور شامل.
والدليل أن مشروع تنمية الأسرة يستهدف في خطته الاستراتيجية كافة الجوانب الاقتصادية والخدمية والثقافية والتشريعية والإعلامية والتوعوية، والتكنولوجية وتمكين المرأة، واعتبار تنمية الاسرة حق من حقوق الإنسان، ويرتكز المشروع على "المرأة المصرية" وكيفية تمكينها اقتصاديا من خلال توفير فرص العمل وكسب الرزق وتحقيق الاستقلالية المالية، وتدريبها على إدارة المشروعات وتأهيلها لسوق العمل، بالإضافة إلى توفير وسائل تنظيم الأسرة بالمجان للجميع, واستهداف رفع وعي المواطن بمفاهيم القضية السكانية من خلال زيارات منزلية وإقامة ندوات توعوية تستهدف 6 ملايين سيدة فى سن الإنجاب، والعمل على وضع إطار تشريعي لضبط النمو السكاني مثل تفعيل تجريم زواج القاصرات وتغليظ عقوبة عمالة الأطفال، وتجريم عدم تسجيل المواليد.
وأخيرا نستطيع نقول، إن مشروع تنمية الاسرة المصرية فرصة ذهبية لمواجهة طاعون الزيادة السكانية، خاصة أن الإرادة السياسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية يولى هذه القضية اهتماما استثنائيا وكبيرا، لذا يجب علينا أن نتشارك من باب المسئولية الاجتماعية أفراد ومؤسسات بتحقيق هذا الحلم خاصة أن له هدف واضح هو خفض معدل الزيادة السنوية لـ400 ألف سنويا، مما يساهم هذا في حل مشاكل كثيرة في مصر ويعزز مسارات تحقيق التنمية المستدامة مما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع..