فى تقرير لإحدى المؤسسات اليابانية "الجايكا" فى عام 2010، قالت إن القاهرة لو استمرت بهذا المنوال، فستعلن القاهرة في عام 2030، مدينة "ميتة"، أى تنخفض فيها سرعة الحركة على المحاور الرئيسية إلى ما دون الـ10 كم / ساعة، وهذه الصفات تؤكد أن هذا المكان ليس بيئة عمرانية مناسبة لمزاولة الأعمال، ولا لحياة السكان، بجانب ارتفاع المخزون الحراري للكتلة العمرانية، وزيادة معدلات التلوث "الجزيرة الحرارية العمرانية"، والتى ارتفعت بشكل كبير خلال الفترة من عام 1990 وحتى عام 2019، وهذا ما يفسر زيادة الحالة الحرارية عن الدرجات الفعلية وتوقف حركة الهواء، فى أوقات كثيرة من العام.
لهذه الأسباب سارعت الدولة في إنشاء المدن الجديدة، لإنقاذ القاهرة، والحفاظ على مكانتها، والتي كانت تمثل ثانى أجمل مدينة بعد باريس، ولأن تواجد كافة الجهات الحكومية والوزارات في محافظة واحدة وهى القاهرة، كان السبب الرئيسى في تكدث أكثر من 20 مليون مواطن في محافظة واحدة ، ولعل قرار إنشاء مدن جديدة بمختلف الأجيال كان قرار صائب بدرجة كبيرة ومع مرور الوقت أصبحت المدن الجديدة أكثر جذبا للسكان من المناطق والمحافظات القديمة.
وفى حالة المقارنة بين سعر الوحدة أو المتر، بين المدن الجديدة والأحياء القديمة، نجد أن سعر الوحدة أو المتر فاق أضعاف الأحياء الأخرى والتي كنا نصفها بأنها أحياء راقية، ويرجع ذلك لعدة أسباب منها التخطيط الجيد للمدن الجديدة وارتفاع نصيب الفرد من المساحات الخضراء والمحاور المرورية المقامة على تخطيط جيد تحد من وجود كثافة عمرانية وغيرها من الأسباب، التي فشلت الأنظمة السابقة في استدراكها داخل المحافظات والاحياء القديمة.
كما جاء قرار إنشاء مدن الجيل الرابع، والتي جاءت في مقدمتها العاصمة الإدارية الجديدة والعلمين الجديدة والمنصورة الجديدة، جاء في توقيت مناسب ساهم في تحسن الاقتصاد المصرى وجذب استثمارات عالمية لمصر، بل ساهمت العاصمة الإدارية الجديدة بمفردها في جذب استثمارات أجنبية في سنوات قليلة ضاهت كافة الاستثمارات التي دخلت مصر في عشرات السنوات الماضية، كما ستظل العاصمة الإدارية الجديدة، مشروع مصر المستقبل والمشروع الأكثر جذبا للاستثمارات وبصلة القطاع العقارى المصرى لمدة 100 سنة قادمة.
وساهمت المدن الجديدة في معالجة الخلل في التوزيع الديموجرافى للسكان، حيث كان إقليم القاهرة عام 1970، مساحة الكتلة العمرانية للقاهرة الكبري في عام 1970، 52 ألف فدان، يقطنها 5.6 مليون نسمة، بما نسبته 16 % من سكان الجمهورية، وبلغت الكثافة السكانية الصافية 250 فرد / فدان (100 فرد / فدان كثافة إجمالية) - الكثافة الصافية على مستوى الحى السكني فقط، أما الكثافة الإجمالية فهى على مستوى المدينة -، بينما وصلت الكتلة العمرانية الرئيسية للقاهرة الكبرى في عام 2015 -بعد 45 عاما-، إلى 140 ألف فدان، بزيادة 240 %، يقطنها 16.8 مليون نسمة، بزيادة 300 %، وبلغت الكثافة السكانية الصافية 500 فرد / فدان (140 فرد / فدان كثافة إجمالية)، وهذا متوسط الكثافة، بينما وصلت الكثافة الصافية فى بعض أحياء القاهرة إلى 750 فرد / فدان، وفى بعض أحياء الجيزة إلى 1000 فرد / فدان، وعليه، فإن المحصلة.. هى كتلة عمرانية مكدسة بالسكان والأنشطة والحركة.، وطبقا للتقرير التي أصدرته الحكومة مؤخرا، تصل الكثافة السكانية الصافية إلى 500 شخص / فدان، وهى كثافة مرتفعة جدا، والاستعمالات غير السكنية بلغت 30 – 35 % (زيادة نسبة الأنشطة غير الإنتاجية - مجتمع استهلاكي)، ووصلت نسبة البناء إلى 70 % مما أدى إلى انخفاض نسبة المساحات الخضراء والفراغات والمناطق المفتوحة، ونسبة الطرق أقل من 20 %، مما يسبب التكدس والازدحام.
كما ساهمت المدن الجديدة في عام 2015 فى استيعاب حوالى 4.5 مليون نسمة، حيث تم إضافة 8 مدن جديدة، من عام 2014 وحتى الان، ليصبح لدى مصر 10 مدن بشرق الجمهورية، و6 مدن بغرب الجمهورية، وهذا يؤكد حجم الاستثمارات الكبرى التي ضختها الحكومة في المدن الجديدة، حيث بلغت إجمالي الاستثمارات التي ضختها وزارة الإسكان بالمدن الجديدة حول القاهرة (2014 – 2021)، 400 مليار جنيه، بخلاف المشروعات المنفذة من الهيئة الهندسية.
كما أن مدن الجيل الرابع ساهمت فى تحسين حالة التوزيع الديموجرافى للسكان في 7 سنوات ، حيث ارتفع استيعاب مدن شرق القاهرة من 3.1 إلى 5.8 مليون نسمة، بمعدل نمو 190 ٪، ومدن غرب القاهرة من 1.3 إلى 2.5 مليون نسمة، بمعدل نمو 192 ٪، مقابل زيادة في الكتلة الرئيسية لإقليم القاهرة بنسبة 107 ومن المقرر أن تستوعب المدن الجديدة في نطاق شرق القاهرة 12 مليون نسمة، ونطاق غرب القاهرة 5 مليون نسمة.