فى ظل الأزمات دائما ما تبحث المجتمعات عن الضمير لتستقيم الحياة، ويتحقق العدل الإنسانى، والعبور من الأزمات بسلام وتضامن وتكاتف، لكن ما يزعج حقا أنه بات الكثير الآن لا يفرق بين التجارة والنصب ولا بين الشطارة والنهب ولا بين الكسب والسلب فى وقت العالم كله يمر بأزمة ضمير كبرى، نتج عنها تشريد وقتل وظلم واحتلال، لتصبح الإنسانية مهددة لغياب الضمير عن تصرفات وأفعال البشر .
ونموذجا ما نراه الآن من أنانية، وجشع للبعض فى التعامل مع أزمة ارتفاع الأسعار العالمية وموجة التضخم الكبيرة بسبب وباء كورونا وبسبب ما يحدث جراء حرب أوكرانيا وروسيا وتداعيات ذلك على الحياة والمعيشة للأفراد، الأمر الذى يتطلب منا جميعا تفعيل الضمير، بحيث يكون هذا الضمير لدينا فى كل مكان، يعيش معنا فى الشارع، وموجود بيننا فى المدرسة، وبرفقتنا فى المستشفى، ويسير معنا فى الأسواق، وجالس بجوارنا فى العمل، لا يغيب عنا أبدا ..
والأهم أن يكون لهذا الضمير المطلوب إحضاره الآن قوة الفعل مثل الدولار، بمعنى أن لا يكون مجرد عبارات وجمل وشعارات رنانة فحسب، إنما يكون بمثابة قوة حقيقية نجد تأثيرها بيننا على أرض الواقع، حيث لا احتكار للسلع ولا نصب ولا احتيال ولا فهلوة، ولا جشع ولا استغلال للأزمات، وقتها فقط يتحقق التكافل الاجتماعي والرضا المجتمعى، وتحدث البركة ويعم الخير .
وإذا أردنا أن يكون لهذا الضمير قوة فعل حقيقية تشبه فعل الدولار، علينا أن نتذكر أن نبينا الكريم عمل بالتجارة، وباشر البيع بنفسه، وكان يأمر دائما التجار بالصدق والسماحة.
ولا ننسى أيضا أن نبينا الكريم خاطب التجار، قائلا: «إن التجار يُبعَثون يوم القيامة فجاراً، إلا مَن اتقى الله وبرَّ وصدق»، وكان يأمر بالسماحة واليسر فى البيع والشراء، قائلا: «رحم الله رجلاً سمحاً إذا باع، وإذا اشترى، وإذا اقتضى»، وكان عليه أفضل الصلاة والسلام يأمر بأن يُحسن أداء الحقوق لأهلها، فهو من قال «إن خياركم أحسنكم قضاءً».
وأخيرًا،، نستطيع القول، نحن بصدد أزمات عالمية جراء الحروب والأوبئة، وجب علينا الأمانة، والتخلى عن الأنانية والجشع والخداع، وأن نفرق بين التجارة والشطارة والكسب والسلب، وان نتذكر دائما، إذا مات الضمير، استحال معه أي إصلاح، فكيف يصلح مجتمع، ولبنته الأولى التي هي الإنسان فاسدة؟..