مؤكد أن توسع الأزهر ووزارة الأوقاف خلال الفترة الماضية فى مكاتب تحفيظ القرآن العصرية، يعمل على إيجاد بيئة إيمانية قرآنية تسودها العقيدة السمحة وترتكز على المحبة والتعددية وتخدم قضية تجديد الخطاب الدينى بعيدا عن التطرف والغلو، خاصة أنها تعتمد على الحفظ وفهم المعانى لبناء شخصية الأطفال بناءً فكريا وأخلاقيا سليما فى ظل انتشار ظواهر غير حميدة بفعل عالم السوشيال ميديا وغياب القدوة فى المجتمع، والتحول الخطير للأسرة فى تربية الأبناء سواء من خلال التقليد الأعمى لثقافات غربية أو باتباع سلوكيات ومناهج ضد العادات والتقاليد والثوابت الأخلاقية والوطنية لمجتمعاتنا.
ومن المؤكد أيضا أن حفظ القرآن الكريم، أمر ضروري يجب أن نشجع عليه الأسرة لحماية المجتمع من آفات العصر، خاصة أن رغبةُ الطفل في حفظ القرآن لا تتشكلُ بصورة تلقائية عفوية وإنما نتيجة لتوافر القدوة في الوالدين، ولدينا نماذج مفرحة ومصابيح هداية نراها فى مسابقات حفظ القرآن الكريم التى تشرف عليها وزارة الأوقاف أو الأزهر الشريف، حيث هناك جواهر قرآنية تمشى على الأرض صوتا وحفظا وتجويدا، ونموذجا ما رأته خلال مشاركتى فى حفل تكريم حفظة القرآن بمنطقة كوم بكار بفيصل بمحافظة الجيزة من أصوات عذبة وجمال أطفال فى سن العاشرة من العمر يحفظون كتاب الله بإتقان وإبهار، والأجمل حرص الأهالى بالمنطقة وأعضاء تنمية المجتمع المحلى هناك على تشجيع الأطفال والأسر، وذلك من خلال الدعم المتواصل والتشجيع الدائم، والتحفيز المستمر، والمساهمة في توزيع جوائز وتكريم الأطفال، لتحقيق نتائج مبهرة وعظيمة رأيناها على وجوه أطفال وبراعم من النشء فرحون أنهم أصبحوا من أهل الله وخاصته، وسعداء بالجوائز والتكريم، وكلهم أمل وطموح نحو مستقبل مشرق فى رحاب كتاب الله..
لذا، فإن التنشئة السليمة وغرس القيم الأخلاقية والوطنية فى نفوس الناشئة منذ نعومة أظافرهم عمل عظيم يحمى أطفالنا من أخطار الحداثة، لأن التفاعل والمشاركة في البرامج الدينية وحفظ القرآن فيه من الخير الكثير للشباب والمجتمع سواء فى الحفاظ على العادات الأصيلة، أو فى غرس القيم والأخلاق الحميدة، إضافة إلى أن القرآن هو الكتاب الوحيد الذي حفظه الله في الصدور وينقل تواترًا حماية له من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان، بذلك فإن الكتاتيب والمسابقات القرآنية تعد جندا من جنود الله تعالى لتأكيد حفظه في قلوبِ إُناسٍ شرفهم الله لحفظ كلامه، فطوبى لهم وحسنُ مآب..
وأخيرا، نستطيع القول، إن الأمة لا يصلح أخرها إلا بما صلح بها أولها وهو طريق القرآن الكريم، وهذه حقيقة ثابتة فحاجتنا للدين ليس فقط حاجة روحية بل أصبحت مطلبا اجتماعيا لمعالجة أمراض المجتمع وآفاته..