النخوة والشهامة والمروءة والجدعنة صفات تميز بها المجتمع المصرى، حيث يعتبرها المصريون من تمام الرجولة لما تحمله من طبائع حميدة وتصرفات أخلاقية تحمل أصحابها إلى أفاضل الأخلاق والأفعال، لكن المؤسف في ظل سيطرة عالم الحداثة ومواقع التواصل الاجتماعى التي أصبحت الحياة دونها شبه مستحيلة، نرى يوميا مشاهد وحوادث وتصرفات على المنصات الرقمية تضرب منظومة القيم والثوابت الأخلاقية في مقتل، فهناك الكثير لا يبالى من نشر فيديوهات وصور لا حياء فيها ولا أدب، والكل الهدف جمع اللايكات وتحقيق شهرة حرام.
ولم يقف الأمر على الفضاء الإلكترونى، إنما امتد إلى الحياة الواقعية فكم من المشاهد الغير لائقة التي لا تراعى الأصول ولا الرجولة نراها يوميا في الشوارع والمواصلات، فها هو شاب يجلس فى المترو ورجل مُسن يقف ولا يُبالى من تصرفه هذا، وأخر تتعرض سيدة عجوز للأذى أمامه ولا يحرك ساكنا، وذاك رجل ينشر فيديو رقص لبناته وأهل بيته على صفحات مواقع التواصل دون ورع أو خجل ويتفاخر به مع أصدقائه على القهوة وزملائه في العمل وعائلته في المنزل، وتلك شباب يحتلون نواصى الشوارع وسهام ألسنتهم الموبقة تطول أي فتاة مارة في الشارع.
فأين النّخوة والشهامة من رجال يتركون زوجاتهم وبناتهم ينزلون إلى الأسواق للتسوق أو العمل وهم فى نوم عميق أو يتسلون بمشاهدة الفضائيات أو منشغلون بالشات على مواقع التواصل الاجتماعى؟، وأين الرجولة من شباب أصبحت لغتهم كلها جمل وألفاظ خارجة فلا يعيرون اهتماما لكبير أو صغير، فلا حياء في المواصلات ولا الشوارع؟.. وأين المروءة من عقوق الوالدين التى نراى قصصها المؤلمة على صفحات الحوادث؟
لذا، يجب علينا جميعا دق ناقوس الخطر بشأن اتساع هذه الظاهرة، حفاظا على عاداتنا وأخلاقنا من الانهيار في عالم طغت فيه الحياة المادية على المبادئ والقيم والأصول التي تربينا عليها، حيث الستر وكتم الأسرار وعدم الخوض في الأعراض ومساعدة المحتاجين والوقوف فى محن الأخرين غير منتظرين جزاء ولا شكورا، حيث يوقر الصغير الكبير ويحترم الصغير الكبير، نريد وفاءً وإخلاصا وإحسانا في تعاملنا بعضنا البعض، نريد كظم الغيظ لأجل بقاء ودً، لتسود المحبة وتنطفئ نار الحقد والكراهية ويحل محلها التقدير وحسن الجوار.
وأخيرا، لا نجد ختاما خيرا مما قاله أمير الشّعراء أحمد شوق،: وَإِذَا أُصِيبَ القَوْمُ فِي أَخْلَاقِهِمْ.. فَأَقِمْ عَلَيْهِمْ مَأْتَمًا وَعَوِيلًا"..