هل يمكن لفيلم بسيط أن يعيد إليك الثقة فى كل شيء، فى الفن والجمال والإنسان نفسه؟ نعم يمكن، وهذا ما فعله معى فيلم coda الأمريكى كتابة وإخراج سيان هيدر، وتدور قصته حول فتاة تدعى "روبى" تدرس فى الثانوية وهى ابنة لأسرة من "الصم" أب وأم وأخ، هى الوحيدة التى تتكلم فيهم، تقضى وقتها مترجمة للإشارات وقائدة لعملية التواصل بين الأسرة والمجتمع وعالم الصيادين، وفى الوقت نفسه لديها حلم بأن تدخل الجامعة وتدرس الموسيقى وتصبح مغنية، والفيلم الأمريكى مستوخى من فيلم فرنسى بعنوان La Famille Bélier من إنتاج سنة 2014 من إخراج إريك لارتيجاو.
الفيلم قصته بسيطة لكنها حافلة بالإنسانية والمحبة، حتى إن كلمات إحدى الأغنيات تقول "نملك الحب وذلك يكفينا"، إنه فيلم عن العائلة والحلم والعمل والتعب والتفاؤل أيضا، فيلم عن حق الحياة المكفول للجميع، عن الموسيقى والغناء عن الصيد وأزماته وجماله عن البراح والخضرة المحببة للنفس.
فى الفيلم ستحب "روبى" وأسرتها، ستجذبك طريقة عيشهم للحياة، يهتمون بكونهم عائلة، يقول أبوهم بلغة الإشارة "عائلتى تبقى معا لا تتشاجر" إنهم يحتفون بكل شيء معبر عن الحياة، حتى العلاقة الحميمة بين الأب والأم فقد كانت دليل قوى على المحبة، وكأن الصمم الذى بهم منحهم فرصة أفضل للاستمتاع بالحياة، وهذه النقطة استوقفتنى، هل نحن فى حاجة لنفقد إحدى حواسنا كى نجد أنفسنا نحب الحياة، وكى نتخلص بعض الشيء من الزحام الذى يحيط بنا؟.
فيلم coda تجد فيه كل سمات أفلام التسعينيات الجميلة عندما كانت السينما تحفل بالإنسان ومشاعره وبما يريده وليس بمخاوفه، نعم كانت السينما فى تلك الفترة تسعى لإخراج طاقة الإنسان الجميلة، تتحدث عما يرجوه من يومه ومستقبله، بعكس سينما الآن التى تتحدث عما نخافه ونخشاه.
فيلم coda يستحق المشاهدة، ستشعر بعده بالحياة كقيمة، وتعرف أن الفن وجد من أجل ذلك، كى يجعلك أجمل وأفضل.