من أجل الأمور وأعظمها اغتنام فرص العطايا والمنح الإلهية والربانية، وما أكثر هذه العطايا والمنح في الأشهر الحرم التي فضلها الله على سائر شهور السنة، فخص الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصهن بالتشريف، وما أجمل هذه المعانى السامية في احتفال ليلة النصف من شعبان باعتباره توطئة لشهر رمضان المعظم بالتراحم والإحسان للمحتاجين في ظل المعاناة من موجة الغلاء وارتفاع الأسعار والتي تتطلب منا جميعا التكاتف والتضامن وفعل الخير لمساعدة الفقراء، إضافة إلى عظمة وفضل المسارعة إلى الخيرات، فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز، "فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ". وقال أيضا "جل شأنه": "وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ".
فما أعظم الأعمال في الأيام المباركة خاصة ليلة النصف من شعبان الذى أجمع علماء الأمة أنها ليلة مباركة لها مكانة عند الله جل شأنه عظيمة، غير أن الاحتفال بالمناسبات الدينية بشكل عام أمر عظيم لنشر الوعى السليم وترسيخ معانى روحانية لتهذيب النفوس وتقويمها نحو الصلاح والإصلاح، لذا يجب علينا اغتنام فضل ليلة النصف من شعبان بالدعوة إلى الله عز وجل بالعفو وصلاح الحال والتصدق وترك المشاحنة والخصام، فقد قال نبينا الكريم عن فضل هذه الليلة المباركة "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن".
نعم ما أحوجنا في هذه الأيام، وفى ليلة النصف من شعبان خاصة إلى التسارع إلى سبيل الخيرات والأفعال الطيبة التي فيها النفع للمحتاجين والمعوزين في ظل أزمة طاحنة تستوجب علينا جميعا الإكثار من الطاعات والقربات بأنواعها في شهر مبارك ترفع فيها الأعمال إلى الله.
وختاما، أستطيع القول، إنه يجب الاستفادة من فضل ليلة النصف من شعبان ومن دروس تحويل القبلة، بأن نتحول من التشدد إلى الرحمة والتسامح، ومن الشقاق والخلاف للوحدة والتكاتف والتضامن، وأن تعود العلاقات والصلات الطيبة بين المتخاصمين والمتنازعين، وأن يعم الصفاء والوئام والتسامح بين الناس لنستقبل رمضان المعظم ونحن مستعدون تماما لهذا الشهر الذى ننتظره جميعا كل عام بفارغ الصبر ليغفر الله ذنوبنا وينعم علينا من فضله وبركاته وخيراته..