فى شهر رمضان سنَّ رسولنا صلى الله عليه وسلم إحياء ليالى رمضان، وإحياء ليالى رمضان يكون بأمور كثيرة، أفضلها الاعتكاف، والاعتكاف سنة مؤكدة عن النبى صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان، ويزيد فضلها فى العشر الأواخر من رمضان؛ حيث إنها تضاعف فيها أو يُضاعف فيها الثواب، على الأعمال من الله عز وجل، والاعتكاف إلى الله، والانقطاع إلى الله عز وجل والبعد عن أمور الدنيا والانشغال بها ينفع الإنسان.
حيث يُراجع الإنسان نفسه، وأعماله، وهو فى مسجده يعتكف مع المعتكفين، يخلو بنفسه ويُراجع أعماله، وينظر فيها، هل هى على الطريقة الصحيحة؟ فإذا ما انتهى رمضان واصل عليها، أم أنها فى الاتجاه الآخر، وقطعا إذا صدق مع نفسه وراجع نفسه مراجعة صحيحة سيجد الكثير من التقصير فى أعماله. وعليه وهو فى اعتكافه وهو قريب من الله عز وجل، وهو فى بيت من بيوت الله عز وجل أن يضع الخُطة التى سيسير عليها بعد انقضاء رمضان، وأن يجتهد وهو فى اعتكافه فى فعل الطاعات، فى قراءة القرآن، وفى تقديم ما ينفع للناس؛ ولذلك إذا وجد أمرًا يهم المسلمين أكثر من اعتكافه فعليه أن يقطع الاعتكاف، وأن يخرج إليه ولا يبقى معتكفًا فى مسجده.
فبعض الناس يعتكفون اعتكافا خاطئًا لا يستفيدون منه، ينقطعون للاعتكاف فى بيوت الله ليل نهار، ويتركون أعمالًا يرتبط بها مصير كثير من الناس، وهؤلاء لو أنهم تركوا الاعتكاف، وقضوا مصالح الناس، وأدوا مهامهم التى كلفوا بها لكان خيرا من اعتكافهم فى بيوت الله عز وجل، والأعمال بالنيات.
ويستطيع الإنسان أن يُحصل ثواب الاعتكاف وثواب أداء الأعمال معًا، وذلك إذا شغلته أمور الناس عن الاعتكاف وكان فى نفسه يرغب فى الاعتكاف إلا أنه تركها لقضاء أمور الناس، يُؤجر على الأمرين معا، {إِنَّمَا الأَعْمَالُ بالنِّيَّاتِ وإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ ما نَوَى، فَمَن ْكَانَت ْهِجْرَتُهُ إِلَىالله ِوَرَسُولِه ِفَهِجْرَتُهُ إِلى الله ِوَرَسُولِهِ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُه ُلِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَو امْرَأَة ٍيَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ}.
ولذلك أنصح إخوانى الذين يتركون أعمالهم، وامتحاناتهم، وقضاء أمور الناس التى فُوضوا فيها، وهى من صميم أعمالهم التى يتقاضون عليها الأجر، ولا يوجد بديل يقوم بها، أن ينشغلوا بها فهى أفضل من الاعتكاف، ولو اعتكفوا فهم آثمون، ولا أجر لهم لتعطيل أمور الناس، ولتفريطهم فى أمورهم التى كلفوا بها، ويتقاضون عليها أجرًا والله أعلى وأعلم.