فى عيد الام وشهر مارس شهر المرأة، كنت دوما افخر بما حققته المرأة من انجازات، ومكتسبات لمكانة المرأة فى كل موقع قيادى ووظيفى، ووقف السعى وراء هذه المكتسبات، فسلسلة الحقوق التى حصلت عليها المرأة توجت بوصولها لمنصب وزيرة وقاضية ومحافظة، فنحن كنا جزءا من قضية هامة توليها الاحزاب وتضعها على اولوياتها، فكم من مرات عديدة على مر سنوات كثيرة كنا فى حزب التجمع نحتفى بالنماذج الفريدة والناجحة، اللاتى جاهدن وكافحن للوصول لمنصب قيادى يعكس قيمة المرأة ودورها فى المجتمع، اتذكر كيف كنا نتحدث عن نماذج للسيدات فى قطاع العمال والنقابات وكيف كان يهيمن الرجال على كافة المناصب القيادية فى الوظائف الحكومية، وتجارب الدعم التى كانت تؤازر السيدات لاقتناص حقوقهن.
ومع مرور الوقت توالت النماذج وانتشرت حتى باتت المرأة فى كل مكان تنافس وتتميز ، اعترف ان المناخ الأن اختلف تماما واصبح التألق والمنصب القيادى من حق كل مجتهدة، فلكل شخص منا طاقة، ولكل طاقة مفتاح، ومن يدرك مفتاح طاقته يسطر الكثير من النجاحات، فى ظل قيادة تحترم المراة وتقدرها .
اليوم فى عيد الام وشهر مارس شهر المرأة، احببت الحديث عن امرأة اعرفها منذ سنوات طويلة ، امتلكت الدأب والابداع، والمسؤلية، انها السيدة الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، فمع تلك السيدة، وانا متعمدة اختيار هذا اللفظ ، نعم السيدة بنت البلد الجدعة الهانم، حين تلقى عليها المسؤلية تكون على قدرها وقد تفوق التوقعات، او كما يقول البسطاء "ست بميت راجل" .
هنا اريد ان اتوقف عند المعنى الحقيقى المقصود، واستعيد مشهدا لا يفارقنى ابدا ، كلما قابلتها فى محفل او مؤتمر، هو مشهد لفتاه فى بداية الثلاثينات ترتدى زيا عمليا، نسمية نحن زى المرأة العاملة جاكت وبنطلون وبلوزة، وتغطى شعرها بغطاء للراس بسيط غير متكلف، تضع على وجهها قليل من المكياج ، بسيط جدا، وتحمل فى يدها اكلاسير وقلما، وتختار مكانا فى نقطه بعيده ، وتجلس فى هدوء تركز فى كل مايقال وتدون ملاحظات، وحين تتحدث تراها تختارو مفرداتها بمنتهى الدقة، وجمل بسيطة تستطيع انا تعبر بحسم بها عما يدور فى ذهنها، وتلقى به دون تردد، بمفردات يفهمها القاصى والدانى دون تكلف.
إنها ياسمين فؤاد هي السيده هي الفتاه التي تذاكر دوما ولا تمل من التحضير لكل درس، هي الفتاه التي كانت يوما تجلس في منتدى القاهرة للتغير المناخي التابع السفارة الألمانية في مصر ، تحدث الخبراء عن ملف التعاون الدولى بوزارة البيئة، وتنهى حديثها و تغادر المكان، كانت دوما على عجله من امرها، لا تضيع الوقت في الحوارات الجانبية، وانما كانت تاتي الى مهمه محدده هي معرفه الجديد، وماذا ستعطي؟، هذا المشهد لن يفارقني مطلقا، كل ما جمعني بها لقاء لتبادل الحديث حول القضايا البيئية، قبل ان تصبح وزيرة طبعا.
فى عيد الأم لابد ان اتذكر هذا النموذج النقى للفتاه، المجتهدة التي لديها هدف وحلم تريد تحقيقه، تريد ان تكون مميزه، ليست مميزه في شكلها او ليست مميزه في جلستها، ولكن ان تكون مميزه في علمها وهدوؤها وادارتها لملفاتها العملية والاسرية.
هى نموذج مختلف تماما عن نموذج وزيرة البيئة الذى ادته الفنانه منى ذكى فى فيلم شفيقة وتيمو، قد تتشابه معها فى الجزء الاول من الفيلم، من حيث النجاح والحماس للعمل، لكنها مختلفة تماما عن الجزء الاخير للفيلم، ياسمين فؤاد سيدة وهبت حياتها للعلم والتميز، وكانت نموذجا للمراة العاملة وقدرتها على التوازن بين البيت والعمل يفوق اى شىء.
ياسمين فؤاد لها أداءً حماسيا يفوق أداء مسؤول، فهى تحب ملفها الذى تعمل عليه، فوزارة البيئة بيتها الاخر، هو المكان الذى عملت فيه، منذ عام ١٩٩٧ فى عهد وزيرة البيئة الاولى الدكتورة نادية مكرم عبيد، وتعرف تفاصيله وناسه، الوزارة ليست ملف عمل وانما حب وارتباط، عاشت به سنوات تعمل به بجد وتجتهد وتتعلم والموضوع لدىها لا ينتهى مع منصب، فهذه طبيعتها.
ياسمين فؤاد موظفة وزارة البيئة، كانت المرأة العاملة التى تنتظر اطفالها ليعودوا من الحضانة، وتعود بهم لمنزلها حين كان يعود ابنها الاكبر لها فى الوزارة من حضانته، فهى ام لولدان الاكبر بالفرقة الثالثة الجامعية، والاصغر بالصف الثانى الاعدادى.
لم اندهش يوما حين سمعتها تؤكد حبها للمسلسلات القديمة وكيف يؤثر فيها مسلسل الشهد والدموع ، ولن اعيش فى جلباب ابى، لانى ادعى ان لغة التحدى فى العملين شكلت وجدانها، وارثت فيها قيما مختلفة جعلتها قادرة على التحدى ، ووعيها الفطرى كأنثى تعرف دور الست المصرية فى احتواء بيتها واولادها وعملها .
ربما كان مثلها الأعلى امها، الكاتبة الصحفية ناهد المنشاوى التى يشهد لها فى عملها بحسم واداء منظم وواضح وموضوعى دون لائمة لائم اثر كثيرا فى الابنة ياسمين فؤاد .
فى عرف الصحفيين حين يتحدث أحدهم عن قيادة ما، يراه البعض متملقا، أو مهادنا، لكن دعونا نلقى هذه الافتراضية جانبا، لانى ببساطة اعرف ياسمين فؤاد الإنسانة والمرأة منذ سنوات، وهى تشكل لى نموذجا مميزا من عظيمات مصر، وصلت لمنصبها بجد وتعب ودفعت فاتورة المنصب من صحتها ووقتها وروحها، فمن حقها ان تتوج ويكلل عملها بكلمة شكر.
فكل عام وهى وامها ونساء مصر متميزات فى ظل قيادة واعية، تحترم المرأة شكرا لك معالى الوزيرة وشكرا لرئيسنا، الذى مكن النساء فى كافة المواقع ومنحهن فرصة التميز .