متفهم ومتعاطف إلى أبعد حد، مع كل مواطن يخوض معركة الحياة، ويواجه زيادة الأسعار.. وأشعر بمعاناته.. لكن تعالوا نناقش الأمر بالعقل والمنطق، بعيدا عن المشاعر، سلبية كانت أو إيجابية.. ودون تسفيه، أو تهويل، ولكن على أرضية الحقائق والوقائع.
تعالوا نتفق، على أن العالم واجه أزمتين خطيرتين، أثرتا على الأوضاع الاقتصادية، والتنموية، لمعظم دول العالم.. المتقدمة قبل دول العالم الثالث.
الأزمة الأولى، اجتياح وباء كورونا، وما تمخضت عنه من موجة تضخم كبرى، لدرجة أن أكبر دولة على وجه الأرض، اقتصاديا، الولايات المتحدة الأمريكية، اقترب التضخم فيها إلى 10% وهو ما لم يحدث منذ 40 عاما.. وارتفعت الأسعار فى كل السلع بشكل لافت.
الحدث الثانى: الحرب الروسية/ الأوكرانية، وهى الحرب التى أشعلت نار الأسعار فى دول العالم، وفى مقدمتها الدول الكبرى، وأثرت على عملاتها، أيضا، لأن روسيا وأوكرانيا، مسؤولتين عن غذاء العالم، وفى القلب منه دول العالم الثالث.
وبما أن الأزمتين عالميتين، وأن مصر جزءً لا يتجزأ من هذا العالم، فإنها تتأثر بأحداثه، تأثيرا مباشراً، وهنا لابد من أن نطرح السؤال التالى: ما ذنب الحكومة المصرية لكى نلقى عليها اللوم بعنف، ونتهمها بأنها مسؤولة عن رفع الأسعار فى الأسواق؟!
الحقيقة وبما أن الأزمة عالمية، فإنه ليس من العقل والمنطق، أن نلقى باللوم على الحكومة، منفردة، ويمكن لنا أن نلقى اللوم عليها فى حالة عدم تحركها، وتقصيرها فى مواجهة الأزمة.. والحقيقة أنها تحركت بسرعة، واتخذت حزمة اجراءات وقائية، عاجلة.. للتخفيف من أثار ما يحدث فى هذا الكوكب منذ 2019 وحتى الآن.
كما لا يفوتنا أن نلقى اللوم وبعنف شديد، على المحتكرين والمتاجرين بأقوات الشعب، والمستغلين لأزماته، ونطالب الأجهزة الرقابية أن تضرب بيد من حديد على هؤلاء، ولا تأخذ بهم رحمة أو شفقة.
الأزمة العالمية الناجمة عن الحرب الروسية/ الأوكرانية، تتطلب تكاتف الجميع حكومة وشعبا، لتجاوزها، والابتعاد عن إلقاء اللوم والاتهامات الجزافية، على عاتق الحكومة، أو غيرها، فما ذنب الحكومة، وهل هى وراء نشر جائحة كورونا، أو كانت شريكة فى الحرب الروسية/ الأوكرانية؟!
أيضا، لابد للمصريين جميعا، وفى هذا التوقيت الصعب الذى يمر به العالم بشكل عام، ومصر على وجه الخصوص، ضرورة رفع منسوب الوعى واليقظة، وعدم تصديق الشائعات، والتحقق من كل ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعى، وإدراك أن هناك متربصين، وخونة، من جماعات وتنظيمات ظلامية وإرهابية، تحاول إثارة الفتن، وتحويل بلادنا إلى فوضى، على غرار سوريا وليبيا، ومع أن كل مخططاتهم وأهدافهم ستتكسر على أعتاب اليقظة الشعبية، والرسمية، لكن التذكير، وعدم الانسياق وراء الشائعات المضللة، فقه الضرورة.
مصر ستعبر هذه الأزمات، ونقولها بكل وضوح، وتجرد، أنه لولا جائحة كورونا، ثم الحرب الروسية/ الأوكرانية، لكانت مصر قفزت قفزات تنموية كبرى، وتحسنت كل المؤشرات الاقتصادية، وشعر المواطنون، بتحسن كبير فى جودة معيشتهم.. ورغم كل الأحداث العالمية، فإن مصر، دشنت مشروع القرن (حياة كريمة) لانتشال أكثر من 55 مليون مصرى، من الإهمال المفرط، إلى جودة الحياة، من تحسن متميز فى المسكن والمأكل والمشرب، وكافة الخدمات.
مصر، قادرة بتكاتف شعبها، ومؤسساتها الرسمية، وصدق وجهد نظامها، على العبور من الأزمة، مثلما عبرت من كل الأزمات السابقة.