بعد الارتفاع الكبير الذى تشهده أسعار مواد البناء في الفترة الحالية، نتيجة لتداعيات أزمة الحرب الروسية الأوكرانية، والتى وصلت نسبة الزيادة لأكثر من 40% بالنسبة للحديد و35% للأسمنت، بخلاف المواد الأخرى المستخدمة في عملية الإنشاءات، وهو ما يستدعى قيام شركات العقارات برفع أسعار الوحدات السكنية، وهو ما يتعارض مع القدرة الشرائية في الوقت الحالي مع المواطن المصرى.
هنا يأتي دور التمويل العقارى فى حل تلك الإشكالية التي قد تضر بالسوق العقارى المصرى سواء المواطن أو شركات التطوير العقارى، فارتفاع الأسعار يتسبب في ركود في حركة البيع والشراء، ورغم المبادرات الأخيرة التي أطلقتها الدولة المتعلقة بالتمويل العقارى، إلا أن طرفى القطاع العقارى لم يستفد من هذه المبادرات بشكل جيد وذلك يرجع للقيود التي تفرضها البنوك على الشركات والمواطن، فالوقت الحالي يجب أن تكون هناك المزيد من التسهيلات أمام المواطن حتى يتسنى له الحصول على وحدة سكنية بنظام التمويل العقارى، بالإضافة إلى ضرورة إعداد دورات تدريبية وتأهيلية لموظفى خدمة العملاء داخل بعض البنوك وذلك للرد على أسئلة المواطنين المتعلقة بالتمويل العقارى، بدلا مما نجده من بعض الموظفين الذين يفتون بمعلومات غير صحيحة عن التمويل العقارى لعدم درايتهم به.
كما يجب أن يكون هناك دور للتمويل العقارى في دعم الشركات العقارية في تنفيذ مشروعاتها، مع أخذ كافة الضمانات التي تضمن للبنك أو أي جهة تمويلية لضمان تلك المبالغ التي سيتم منحها للشركات لاستكمال مشروعاتهم، وهو ما يضمن استمرارية هذه الشركات في القطاع العقارى االمصرى في ظل تلك التحديات من ناحية، وتوفير وحدات سكنية للمواطنين بأسعار جيدة من ناحية أخرى.
وفى ظل تلك التحديات ، أصبح التمويل العقارى بالنسبة للسوق العقارى المصري كلمة السر والحل الوحيد لإنقاذ القطاع العقارى من حالة تراجع المبيعات التى يشهدها منذ نهاية عام ٢٠١٨ وحتي الان ، كما يعد فرصة حقيقية لكل من يرغب فى الحصول على شقة جاهزة، وغير متوافر لديه قيمة الوحدة السكنية، وفى الفترة الأخيرة وخاصة خلال السنوات الثلاث الماضية شهدت اطلاق اكثر من مبادرة من البنك المركزى تتعلق بالتمويل العقارى، ولكن نظرا للأوراق التى تطلبها البنوك وشركات التمويل العقارى، كانت نسبة من استطاع الحصول على وحدات بتلك المبادرة من القطاع الخاص كانت قليلة للغاية.
وطبقا لدراسات اخيرة عن السوق العقارى، كشفت ان مبادرة البنك المركزى نجحت فى مضاعفة عدد عملاء التمويل العقارى بنسبة تصل لـ10 أضعاف خلال فترة لا تزيد عن 5 سنوات، وبلغ عدد العملاء المستفيدين من التمويل العقارى منذ عام 2004 وحتى عام 2014 بلغ 35 ألف عميل فقط، فيما وصل عدد المستفيدين فى التمويل العقارى منذ بدأت المبادرة عام 2014 وحتى عام 2019 لـ350 ألف أسرة مما يوضح دور مبادرات البنك المركزى في نمو قطاع التمويل العقارى.
وبعد إقرار قانون التصالح أصبح هناك إمكانية تمويل العقارات المخالفة، بعد التصالح عليها، ودخول هذه العقارات ضمن التمويل العقارى، حيث من حق العميل صاحب الوحدة عقب التصالح عليها الحصول على قرض تمويل عقارى، أو بيعها بنظام التمويل العقارى، فالتصالح على العقارات المخالفة يضفي للعقار الصفة القانونية وبالتالي قابلية الاستفادة منه.
وإذا تحدثنا عن تمويل وحدات سكنية تحت التنفيذ، فإن قانون ١٤٨ لسنة ٢٠٠١ وتعديله رقم ٥٥ لسنة ٢٠١٤ ، لم يمنع فكرة تمويل وحدات تحت التنفيذ، ولكن المشكلة تتركز في عدم وجود آلية تلزم المطور بتنفيذ الوحدة خلال المدة المحددة وعدم وجود طريقة واضحة للضغط على العميل لدفع الاقساط في حالة تأخر المطور في تسليم الوحدة ،فإن الممول يصبح الخاسر الوحيد، وهو ما يتطلب إنشاء هيكل ينظم عملية التمويل العقاري تحت التنفيذ بين الثلاثة أطراف "المطور - المستفيد - الممول"، للسيطرة على السوق من خلال تدبير تمويل بالضمان الشخصي سواء البنك او للكيان او لشركة التمويل وفي حالة تقاعس المطور يتم سحب العقار منه وتسليمه إلى مطور آخر مع إلتزام العميل بتسديد الأقساط.
وفى الختام، نجد أنفسنا أمام خيار واحد فقط لا ثانى له، وهو تنشيط التمويل العقارى في مصر، وضرورة تقديم تيسيرات عديدة حتى يتسنى للقطاع العقارى الاستفادة من ذلك البرنامج التي تعد مصر الدولة الوحيدة صاحبة نسبة الـ 1% فقط في الاستفادة من التمويل العقارى، أما باقى الدول الأخرى فتصل نسبة التمويل العقارى بها أكثر من 65%.