«من فضلك يا ريس، بعد إذنك، لازم تكون ناشف فى كلامك شوية، من فضلك يا ريس، لو سمحت، بعد كده ما تاخدش أى قرار إلا لما ترجع لنا، نحن جماعة أمرنا شورى بيننا، لو سمحت يا ريس لو تكرمت، تجاهل الرد على أى خطابات رسمية خالص إلا بعد مشاورتنا، من فضلك يا ريس، حضرتك الريس وكل حاجة، بس لازم الخطاب الجاى الناس تحس إنك قادر على اتخاذ أى قرار، ممكن بعد إذنك يا ريس تتجنب أى لقاءت أو حديث مع وزير الدفاع الفترة دى».
كنت على يقين من أن مصر - فى السنوات العجاف التى حكم فيها المعزول محمد مرسى - كان يحكمها من الباطن مكتب الإرشاد، وكان ظنى ان الجماعة اختارت «مرسى» من بينها مرشحا للرئاسة، لضعف شخصيته، ولضمان أنه سيكون طوعا لهم، لكننى لم أتخيل يوما رد فعل «مرسى» على تلقيه أوامر من مكتب الإرشاد وهو رئيس للجمهورية، كيف تجلس أكبر سلطة فى البلد «كالتلميذ» يتلقى أوامر من شخص أو مجموعة أشخاص؟! ما هو شعوره؟! هل كان يفرح وينتشى وهو يسمع كلمة «من فضلك يا فخامة الرئيس» فلا يعير اهتماما لما يأتى بعدها من أوامر تؤكد صغره وضآلته؟ أم كان يُقهر من الأوامر التى تنهال عليها «افعل كذا ولا تفعل كذا» وكان يريد التمرد من داخله، تمردا من باب «أنا الرئيس وماينفعش حد يقول لى اعمل وما تعملش» وليس من باب التمرد على الوضع؟ «مرسى» كان أضعف ما فى الجماعة ومصر كلها.
مصر كانت تدار عن طريق عروسة ماريونت تدعى محمد مرسى، خيوطها فى يد أعضاء الجماعة، يرسم حركتها مهندس العمليات الإرهابية، خيرت الشاطر، وباقى أفراد الجماعة كل منهم ممسك بخيط يجذب الخيط ويرخيه وفقا لما هو متفق عليه بينهم، لذلك لم تكن نهاية «مرسى» صعبة أو عصية على المصريين، وكيف يقبل مصرى أن يكون رئيسه «ماريونت» لا دور له سوى تلقى الأوامر؟!