معروف عن الشعب المصرى أنه أبو الكرم والمروءة والشهامة في أوقات الأزمات، فدائما جابرا للخواطر في أيام الله المباركة خاصة في شهر رمضان المعظم، فلا تكاد تمر من شارع أو ميدان إلا وتجد من يقوم بتوزيع الطعام أو الشراب والعصائر على الصائمين هنا وهناك رغم الأزمة الاقتصادية العالمية جراء جائحة كورونا والحرب الروسية والأوكرانية من ارتفاع الأسعار والسلع الغذائية والتأثيرات على مستوى المعيشة، إلا أن هذه المشاهد تؤكد أن طبيعة المصريين جُبلت على فعل الخير والجدعنة، ونموذجا ما رأيته من محبة واجتهاد للتخفيف عن معاناة أهالينا البسطاء في منطقة كوم بكار بآخر فيصل بالهرم، حيث يحرص أهل الخير على إطعام الطعام طوال الشهر الفضيل، وما أسعدنى طريقة الطهى وجودته، فالأمر لست إقامة مائدة فحسب، إنما هناك حرص على تقديم طعام فاخر لأكبر عدد ممكن طوال الشهر المبارك، وصل إلى 600 فرد تم استضافتهم بدار مناسبات المنطقة فى جو تسوده المحبة والكرم والألفة والشهامة.
فلك أن تتخيل عظمة أن يكون هناك إحساس بآلام الناس، ولك أن تتخيل جمال التبسم والبشاشة في وجه أناس تعرفهم أو لا تعرفهم ومدى وقوع هذا على أفئدتهم من محبة ودفء، ولك أن تتخيل حال يتيم أو فقير تكون سببا في إسعاده وتفريج همه، فهذا ما لمسته من رجل يُدعى في منطقة كوم بكار بـ"ناصر الخير"، حيث وهب مُعظم وقته وجلً تفكيره في تحضير وتجهيز الطعام وتوزيعه على أهالينا البسطاء، ومعه رجال يسعون للتخفيف ومساعدة البسطاء بكل جهد واجتهاد، فنعم "جبر الخواطر" خٌلق إنساني رفيع وكريم، لا يتخلق به إلا أصحاب النفوس النقية، لذلك يقول الحق سبحانه: «وإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُم مِّنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَّعْرُوفًا»، ويقول أيضا سبحانه جابرًا لخاطر نبينا صلى الله عليه وسلم: «وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى».
لذا، فإن أعظم ألوان جبر الخاطر، هو جبر خاطر المحتاجين والضعفاء، حيث جاء أعرابيٌّ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فقال، دلَّني على عملٍ يُدخلُني الجنةَ فرد عليه نبينا الكريم: أطعمِ الجائعَ واسقِ الظمآنَ وأمرْ بالمعروفِ وانه عنِ المنكرِ فإن لم تُطِقْ فكفْ لسانَكَ إلا من خيرٍ"، ويقول نبينا صلى الله عليه وسلم أيضاَ: "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، وأحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ تَطْرُدُ عنهُ جُوعًا.
وختاما، نستطيع القول، إن "إطعام الطعام" له أهمية كبيرة وجليلة يجب أن يتحلى بها كل إنسان خاصة وقت الأزمات، فقد جعله الله سببا من أسباب دخول الجنة، فقد ورد على لسان نبيه عليه السلام أطعموا الطعام وأفشوا السلام تدخلوا الجنة بسلام، بل إن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لما سئل أى الإسلام خير قال: "تطعم الطعام وتقرأ السلام على من تعرف ومن لم تعرف" وقال الله تعالى: "وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا"..