مؤكد أن مظاهر احتفالات شهر رمضان المعظم فى مصر مختلفة ولها مذاق خاص، حيث تسود أجواء مفعمة بالروحانية والتواصل والتقرب إلى الله بالعبادات والطاعات وصلة الرحم وترسيخ أخلاق التسامح والبر والكرم، ومن أهم هذه المظاهر موائد الرحمن التي تقام في الشهر المبارك من أعمال الخير والبر، والتي تنتشر في الشوارع وأمام المحال الكبرى وأمام المساجد، وفى القرى، ويشرف عليها عدد من المتطوعين احتفالًا وتبركًا بهذا الشهر المبارك.
ونموذجا ما حدث في قرية صفط النور جنوب بنى سويف، حيث تجمع أهلها على مائدة إفطار واحدة تضم 2000 وجبة إفطار من خلال تنظيم حفل إفطار جماعى لأبناء القرية وضيوفها من القرى المجاورة، في مشهد يعكس المودة والمحبة وأجواء من الألفة والرحمة والتآخى، واللافت أن لهذه القرية عادات وتقاليد دائما ما يحرص الأهالى عليها لتعزيز أواصر المحبة والتسامح.
وجمال هذا المشهد وتلك العادة، أن أهالى قرية صفط النور، وهم بالمئات، حرصوا على أداء صلاة المغرب في جماعة فامتلأت المساجد على آخرها، ثم تبادلوا التهانى وسط حالة من الحب والسعادة الغامرة على وجوه الجميع وهو ذاهبون إلى المائدة التي جمعت شملهم جميعا، أطفالا وشبابا ورجالا، وتزداد عظمة المشهد أن كل طلاب القرية أو أهلها المقيمون خارج القرية حرصوا على التواجد والحضور للمشاركة في حفل الإفطار الجماعى ليتجمع الجميع في مشهد روحانى وأسرى نتمنى تكراره في القرى الأخرى لما له من عظيم الأثر في تعزيز القيم والثوابت الأخلاقية والعائلية والتي نعانى منها الآن في ظل عصر الحداثة والسوشيال ميديا التي كانت سببا في قطع الرحم وغياب مظاهر وعادات جميلة كانت في بلدنا، لكن ما فعلوه أهالى قرية صفط النور وما نراه من انتشار موائد الرحمن وإطعام الطعام في الشوارع يُبشر أن الدنيا ما زالت بخير، وأننا قادرون على العودة للزمن الجميل، الذى كان يحترم القيمة ويعلو من شأن اللمة والأخلاق ويسعى إلى تعزيز المحبة والتسامح والتآلف والتكاتف..
وختاما، إن ما فعله أهالى قرية صفط النور فى شهر الغفران والإحسان أصبح مضرب المثل فى الجود والكرم، فما أحلى أيام هذا الشهر الكريم، شهر الشعائر الدينية والروحانيات والبهجة والسعادة، وما أحلى طقوس وعادات الشعب المصرى والذى يؤكد دائما أنه عبق التاريخ، وملهم الحضارات وأبو الكرم والجود..