إن لله تعالى فى أيامه نفحات، فما أحوجنا إلى نفحات ليلة القدر في أيامنا هذا، فهنيئا لمن يسعى إلى التقرب إلى الله فى هذه الأيام المباركة والظفر بخيرات وفضل هذه الليلة خاصة، وشهر رمضان الفضيل الذى تتدفّق فيه البركات والمكافآت من الله لأولئك الذين يريدون حقاً جني الحسنات والتقرب إلى المولى عز وجل بالطاعات، وحديثنا اليوم عن إتقان العمل خاصة أنه ثمرة من ثمرات الصوم الحقيقي، فرمضان شهر المراقبة والإتقان..
وما أعظم من إتقان العمل فى العشر الأواخر ، فقد قال الله تعالى، لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ،،؛ ففي تلك الليلةِ يُقسَمُ الخير الكثير الذي لا يُوجد مثلُه في ألف شَهر، خاصة أن إتقان العمل لا يكون إلا بمراقبة الله عز وجل، والإسلام لم يطلب منا مجرد العمل فحسب بل يتطلب الإخلاص والإتقان، فاليد التي تعمل يحبها الله ورسوله؛ وأن أفضل ما يكتسب الإنسان هو كسب يده، حيث يقول نبينا الكريم : "ما أَكل أَحَدٌ طعامًا قَطُّ، خَيْرًا من أَن يأْكُل من عَمل يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ الله دَاوُدَ عليه السّلام، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ".
وعلينا أن لا ننسى أن إتقان العمل أساس قبول العمل عند الله عز وجل، والحق سبحانه وتعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا لوجهه، وهنا يجب أن يعلم كل إنسان، أن العمل الصالح وكف اليد عن سؤال الناس هما السبيل لرفعته وتقربه الحق إلى الله تعالى، فالعمل لا يكون صالحا إلا بالإخلاص والإتقان.
ومن المهم أيضا، أن نعلم وأن نذكر أنفسنا جميعا، أن العبادة تعلِّم الإخلاص، فأركان الإسلام، كالصلاة والصيام، قائمة على الإتقان، فالذى لا يتقن عمله في الدنيا مضيع للأمانة ولهذه الأركان.
وأخيرا، إن مراقبة الإنسان هى ثمرة علم الإنسان بأن الله ناظر إليه، رقيب عليه، مطلع على عمله، سامع لقوله ومطيع لأوامره في كل وقت وحين، فقد قال الله تعالى: "أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى"، وإلى لقاء في حلقة أخرى من سلسلة نفحات ربانية..