"الكلمة الطيبة صدقة".. وما أشبه اليوم بالبارحة، فما زال من يسكن قلوبهم المرض يكررون أخطاءهم دون أن يتأرق لهم ضمير أو يهتز لهم طرف.
فهناك أناس قد استحلوا لأنفسهم إيذاء الآخرين بطرق متعددة، تتصدرها بتلك الآونة حالات التنمر التى شاهدناها والتى أودت بحياة البعض، والتى كان أحدثها انتحار "بسنت" فتاة السادسة عشر من العمر التى اجتمع أهل الشر على التربص بها، وتعمد فضحها ورميها بقذائف من القسوة والخوض فى الأعراض، والمساس بالشرف فى مجتمع ريفى، ما دفع الفتاة للانتحار والتخلص من حياة تمتلئ بالوحشية وانعدام الرحمة والإنسانية.
ولم تكن بسنت أول من تدمرت نفسها، وانتهت حياتها، ولا آخر من استهدفتها شرور الأشرار، فمن جديد وبمنتهى القسوة يعاود هؤلاء التنمر والإيذاء بسيدة عانت الأمرّين حتى تتقبل نفسياً فكرة الخروج للحياة والتعامل بها دون خجل أو شعور بالنقص.
فقد مثلت منال بطلة إعلان مستشفى أهل مصر نموذجا للصبر والمثابرة والإيمان من بعد ابتلاء عظيم من الله، وعلاج طويل وعمليات كثيرة جداً، وأزمة نفسية لا يعلم مدى حدتها إلا الله الذى ألهمها الصبر على هذا البلاء والرضا بما قسم وقدر، لتستجمع قواها وتلملم أشلاء نفسها الممزقة، فتخرج للحياة وتظهر للمرة الأولى بإعلان مستشفى الحروق، فى محاولة لدعم وتشجيع من يعانون نفس أزمتها، ويخجلون من الانخراط بالحياة بعد أن أصابتهم الحروق بتشوهات يحرصون على إخفائها.
وما إن ظهرت منال بالإعلان جميلة متفائلة متحررة من أغلال الخجل والانزواء، حتى تطوع أحد هؤلاء الذين بقلوبهم مرض للتنمر بها وإيذاء مشاعرها التى لم تكن شفيت تمام الشفاء بتغريدة كالرصاصة القاتلة، فانهارت منال، وانهار زملاؤها أصحاب الحروق فى المستشفى بالبكاء بعدما شاهدوا هذه التغريدة.
ولكن:
كما يوجد هؤلاء المتنمرون محبو التجريح والإيذاء، يوجد أكثر منهم بكثير ذوى القلوب الرحيمة والضمائر الحية الذين يقدمون الدعم والمساندة ولو بالكلمة، كما قالت منال أن الكلمة الطيبة صدقة.
نهاية:
هل نتصدق على بعضنا البعض بطيب الكلمات ونكف عن أبشعها، لعل الله يرسل لنا بمن يتصدق علينا بكلمة عندما نكون بأشد الحاجة إليها ويكفينا شر أخرى قد تكسر أنفسنا، فلا يأمن أحدكم الدهر وتقلباته التى لا تكف عن المفاجآت.
فلنقل خيراً أو لنصمت.