عاد الناس للحديث عن كتاب الدراما المميزين والذين يأتى على رأسهم الراحل أسامة أنور عكاشة، يتساءلون لماذا كانت أعماله مميزة، من وجهة نظرى حدث ذلك لأن أسامة كان صادقا مع نفسه ومع ما يكتبه.
لنا أن نتأمل كل الأعمال الدرامية والسينمائية التى كتبها أسامه أنور عكاشة، ونسأل أنفسنا: لماذا عاشت هذه الأعمال وحظيت بكل هذا القدر من المشاهدة، حدث ذلك لأن أسامة كان يجعل الإنسان هو جوهر الموضوع، الإنسان بأحزانه وأفراحه، هو الجوهر وكل ما يحدث له من دراما محيطه به ليست مهمة إلا بقدر ما تكشف عن مشاعر الإنسان، أن أن الإنسان هو البطل، وليست القصة ولا الحدوتة، فهذه أمور مساعدة، ولعل مسلسل أرابيسك الذى قام ببطولته الفنان الكبير صلاح السعدنى أكبر دليل على ما نقول به فى أعمال أسامه أنور عكاشة.
عادة ما نتشارك وجدانيا مع أبطال هذه الأعمال فيجد الواحد منه نفسه بصورة ما يتألم مثل ألم الشخصيات ويفرح مثل فرحهم ويحلم مثل أحلامهم ويواجه صعوبات وتحديات مثل تلك التى يوجهونها، فيضحك ويبكي.
والإنسان الذى يكتب عنه أسامة أنور عكاشة نوعان، الأول يحلق بعيدا عن الواقع، يأتى خفيفا ويمشى خفيفا، لا تربطه سلاسل المجتمع لا يخضع لضروراته وتقلباته مثل بشر عامر عبد الظاهر فى زيزينيا، وسيد كناريا فى كناريا وشركاه، وبليغ أبو الهنا فى راجعين يا هوى، شخصيات بها درجة من التهور ودرجة من الصوفية ودرجه من المعرفة، ومن خلالها يرصد كل شيء، يرصد الماضى والحاضر.
والنوع الثانى شخصيات أخرى مناقضة لتلك التى ذكرناها، وهى تلك التى تضع حول نفسها أسوارا عالية وتدع أيديها مثقلة بسلاسل تكبلها بالواقع تربطها بالأرض، تجعلها متأزمة دائما على الرغم من أنها قد تبدو فى الدراما ناجحة، لكن ذلك لا يهم، فأسامة أنور عكاشة يؤمن بقول المسيح ماذا يفيد الإنسان لو ربح الدنيا وخسر نفسه، بل يهمه أن يربح الإنسان نفسه، لذا لا تأتى النهايات عنده دائما محملة بالفوز السهل، بالأفراح والليالى الملاح، لكنها تنتهى وبطل العمل راضيا عن نفسه عن مبادئه وقيمه.