لا شيء يجمع بين النقد والتجريح، فكل منهما له شأن مغاير، والفارق بينهما كبير جدا، إنه الفارق بين العلم والجهل، بين المنطق والادعاء، بين التفكير العلمى وتداعى الأفكار.
ومؤخرا أثير موضوع تصريحات الدكتور حسن مغازى، حول الشعر الحر ومبدعيه، وقصيدة النثر وشعرائها، واتفق المثقفون واختلفوا، وخرج من يدافع عن الدكتور حسن مغازى، ولا ضير فى ذلك، لكن أن يصفوا أن ما قاله نقد خالص فهو أمر يستحق وقفة.
النقد فى أبسط مفاهيمه ليس حكما قيميا مطلقا، ولا يتعلق بتجريح الأشخاص، ولا تغيب عنه الأدلة والبراهين، بل هو رأى جمالى مصحوب بحيثيات، إن مثله مثل أى قضية مطروحة أمام محكمة، من حقى أن أقول هذا حسن وهذا غير حسن، لكن علىَّ أن أقول لماذا قلت ذلك.
ليس من حق أحد أن يغضب لأن الدكتور حسن مغازى لا يحب الشعر الحر ولا يعترف بقصيدة النثر، لكن من حق الجميع أن يغضبوا عندما يقول إن أمل دنقل لص يسرق الشعر ثم لا يرفق كلامه بنص القصيدة التى سرق منها أمل دنقل.
ليس من حق أحد أن يغضب من الدكتور حسن مغازى لكونه يتعصب للشعر العمودى، هذا ذوقه، وذلك لا يعيبه، لكن من حق الناس أن تسأله عن أدلته عندما يتهم مبدعى الشعر الحر بأنهم عملاء لأنظمة حاكمة، فعليه أن يرفق الأدلة التى تؤكد قوله.
ليس من حق أحد أن يطالب الدكتور حسن بأن يحب الشاعر العراقى بدر شاكر السياب، لكن ما النقد الفنى عندما يتحدث عن اعتلال صحة السياب كأنه أمر بيده، كأن الرجل اختار المرض من باب الخيلاء.
كل ما قاله الدكتور حسن مغازى لا علاقة له بالنقد من قريب أو بعيد، وقد غضب الناس منه لسبب وجيه، فهو أستاذ مسئول عن صناعة الوعى، مسئول عن بناء أجيال وأن يعلمهم طريقة التفكير فليس أبسط من يعلمهم المنطق العلمى فى التفكير وهذا أبسط قواعد النقد.