من لا تاريخ له لا حاضر له، هذهِ مقولة حقيقية نؤمن بها أشدّ الإيمان، فالتاريخ دوماً هو الحافز والدافع للإنسان أن يتقدّم ويُحرز شيئاً جديدا ويتعلم من أخطاء الماضي ليتجنبها في الحاضر.
الحقائق التاريخية التي وثق لها مسلسل " الاختيار 3 " أصبحت سجلّا كاملا لمختلف الوقائع التي مرت بها مصر عقب ثورة 25 يناير وصولا لثورة 30 يونيه ، ولا شك في أن المسلسل وفر لكل مشاهديه قراءة التاريخ وفهمه لتوظيف الماضي والحاضر والاستفادة منه في بناء مستقبل .
" الاختيار 3 " وثيقة درامية لجزء مهم من تاريخ مصر ، وسيكون هذا العمل بعد مرور سنوات حالة استثنائية فى الدراما المصرية بل والعربية أيضًا، واقترح تدريسه في الجامعات ببعض كليات الإعلام والآداب والفنون المختلفة ، لأنه يؤرخ لما مرت به مصر فى فترة عصيبة من تاريخها الحديث، ويعرض لحظات ومواقف عاشها الشعب المصرى من كبيره لصغيره فى عهد جماعة الإخوان الإرهابية .
الاختيار بكل أجزائه ليس مجرد مسلسل ، ولكنه ملحمة وطنية وللمرة الأولى يتم خلاله مزج الدراما المؤلفة مع الدراما الحقيقية الحية من خلال ظهور الشخصيات الرئيسية الحقيقية مثل الرئيس عبدالفتاح السيسى، مجسدا شخصية سيادته الفنان ياسر جلال ، ومحمد بديع مرشد جماعة «الإخوان» الإرهابية مجسدا شخصيته الفنان عبد العزيز مخيون ، وخيرت الشاطر مجسدا شخصيته الفنان خالد الصاوي ، والرئيس محمد مرسي مجسدا شخصيته الفنان صبري فواز.
عبقرية هذا العمل الدرامي هو أنه جعلنا نشاهد الشخصية الحقيقية في مشاهد حقيقية وقبلها نري الشخصية الدرامية يجسدها ممثل ، ولا يوجد أي جاب او اختلاف بين الاثنين ، وهذا يعطي درجة كبيرة من المصداقية لدي المشاهد .
قوة الدراما دائما تكمن في الرسائل المهمة والقوية والمقنعة والتي أصبح لها تأثير كبير في الرأي العام، وهي بالمناسبة أكثر تأثيرا وأسرع وأعمق من أي مقالة أو كتاب أو خطبة ومسلسل " الاختيار " هذا العام كان يحمل رسائل طمأنينة للشعب المصري والعربي ويحدث تشكيلا للوعي الجمعي لدي الجميع ، ومن أهم رسائل هذان العملان هو التفريق بين التدين والتطرف والالتزام والتشدد وقبول الاختلاف ورفض الآخر، إضافة إلى فضح تاريخ وأجندات ونيات ومؤامرات جماعات الإسلام السياسي وتوثيق عدد من الهجمات الإرهابية التي شهدتها مصر في أعقاب انقلاب الإرادة الشعبية على حكم جماعة الإخوان المسلمين عام 2013 والتي استهدفت قوات من الجيش والشرطة والمدنيين.
المسلسل كشف زيف المظلومية الإخوانية أو المظلومية الشعبية التي صنعها الإخوان، سواء عبر جماعتهم أو باقي تنظيمات الإسلام السياسي التي تعمل تحت عباءة مكتب الإرشاد، وحتى عبر الظهير المدني للإخوان في التيارات اليسارية والليبرالية والحقوقية ، فقد كانت الفيديوهات الحقيقية كاشفة لأفكار تلك الجماعات التي تحمل وجهين وأكثر وما تتحدث عنه بينها وبين بعضها يختلف تماما عما تظهر به وتلوح به للإعلام ، فالكذب والخديعة هي أسلحة تلك الجماعة الفاشلة التي لا تعرف غير العنف والاستبداد بالرأي .