الجميع تابع على مدار الأيام الماضية ما حدث في سوق الذهب من تطورات متسارعة في الأسعار، بزيادات سعرية تاريخة، وهنا لن اتطرق إلى مناقشة أسباب ارتفاع الذهب أو حتى مستقبل أسعار المعدن النفيس في السوق المصري أو البورصة العالمية، ولكن سأذهب إلى نقطة ابعد من توقعات القارئ العادي وهي مستقبل صناعة الذهب في مصر، وقد تتساءل هنا ما علاقتي كمستهلك بصناعة الذهب وهل تأثرت صناعة الذهب بما يحدث الآن؟
المفاجأة الكبرى أن مصانع الذهب التي توظف آلاف البشر من أكبر الخاسرين من ارتفاع الأسعار وكذلك عزوف المستهلك عن شراء المشغولات الذهبية، حيث تعتمد المصانع في توفير مصاريف التشغيل وتوفير الرواتب على بيع المشغولات الذهبية المتعارف عليها للتجار، ومع زيادة الأسعار واتجاه المستهلك نحو شراء السبائك بدأت المبيعات في تسجيل تراجعات كبير مما ينذر بضرر كبير لصناعة الذهب.
الأمر هنا مرتبط بمدى قدرات المصانع على الاستمرار في ظل الظروف الحالية، فصناعة الذهب من الصناعات كثيفة العمالة، وحدوث أي تراجع في حركة مبيعات المشغولات يؤثر وبقوة على هذه الصناعة، الأمر الذي يضع على عاتقنا البحث عن مخرج، فالمستهلك يتجه لشراء السبائك، وهذا يعني شراء ذهب خام، والمصانع تنتج المشغولات التقليدية إذا لجأت إلى إنتاج السبائك فقط والاعتماد على إنتاج السبائك والجنيهات، فهذا يعني أنها ستقوم بتسريح العمالة لأنها لن تتمكن من توفير مصاريف التشغيل، لأن إنتاج السبائك غير مُجدي للصناعة.
الدولة المصرية تتجه بقوة لإحياء صناعة الذهب ودعمها بكل الوسائل عبر تدشين مدينة الذهب قرب العاصمة الإدارية، لكن الظروف الحالية تحتم علينا إيجاد حلول غير تقليدية للوضع القائم، فبعض المصانع اتجه إلى إنتاج السبائك والتي لا تفي بمصروفات التشغيل ومصانع أخرى تتمسك بإنتاج المشغولات رغم المبيعات الصفرية للمشغولات الذهبية على مدار أكثر من شهر، وذلك للحفاظ على العمالة المدربة والنادر تعويضها في هذا القطاع.
بالورقة والقلم لا نملك حلول سحرية للأزمة الحالية، فالموقف يرتبط بقدرات المصانع على الصمود في ظل المبيعات الصفرية للمشغولات، أو إيجاد طرق جديد لإحياء النزعة الشرائية للمشغولات الذهبية واحياء المقولة الأشهر "الذهب زينة وخزينة" لأن ذلك يضمن استمرار عمل المصانع واستمرار حصول آلاف الموظفين والعمال على رواتبهم.