على الجميع أن يدرك في تلك اللحظة أن اتجاه الدولة نحو عقد حوار وطنى جامع لكافة القوى السياسية والحزبية دون تمييز أو تفريق، هو بمثابة تحرك جاد يتماشى مع كافة تحركات الدولة المصرية وعلى كافة المسارات التي نجحت فيها، و كما نجحت الدولة في الملفات الرئيسية التي اقتحمتها على مدار ثمان سنوات، فأن المرجح أن تنجح توصيات الحوار الوطنى المزمع عقده بترتيب من الأكاديمية الوطنية للتدريب، ويرفع توصياته إلى رئيس الجمهورية، لأنه حوار وطنى مختلف يتماشى مع المرحلة ومستجداتها والظروف المحيطة، والواقع الجديد في العالم وفى السياسة المصرية، وأهم ما يميزه هو أنه حوار وطنى رافض لأكلشيهات السياسة، و " سلفنة" التعامل التي يعتقد البعض أنها ستتم في مجريات الحوار.
وحسبما أعلنت الأكاديمية الوطنية للتدريب، وما سيتم من إجراءات لعقد الحوار الوطنى الجامع، وقراءة فيما تقوم به الدولة عموما في تعاملها مع كافة القضايا والملفات، ثم جوهر القصة بأكملها وهى الرغبة في خدمة الوطن مهما كانت التضحيات، وباعتبار أن الجميع على أرضية وطنية واحدة، فإن مخرجات الحوار الوطنى ستتوقف على اللحظة التي يدرك فيها الجميع أن التعامل مع الدولة الجديدة، يجب أن يكون بأدوات جديدة، وبلغة خطاب جديدة، وفلسفة جديدة ترفض أكلشيهات الماضى أو ما يمكن تسميته بـ" سلفيين" السياسة، وهم المتمسكون بالعبارات و الاتجاهات التي تعاملوا بها مع أنظمة سابقة، ولا يعلمون أن الدولة الجديدة لديها من المكاشفة والواقعية والمواجهة بالمعلومات، ما لايتوقعه الجميع.
ولذلك على الجميع إدراك أن دعوة رئيس الجمهورية لحوار وطنى، وكذلك الإجراءات الأخرى التي أعلنت في حفل إفطار الأسرة المصرية، هي إجراءات تؤمن بها الدولة بكل قياداتها، وستعمل على تنفيذها و نجاحها، و قد يكون الشاهد من التعاملات السابقة للدولة مع الملفات، ما يمكن أن نستنبط منه بأنها لن تقف في أي لحظة على موقف أو شخص، بل ستنفذ كل آليات و مجريات الحوار الوطنى، وحتى يستفيد كافة المتعلقين والفاعلين في الحياة العامة والسياسية، مع الإدراك بأن ذلك الحوار الوطنى هو حوارا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، وعقد جديد لإدارة توجهات الدولة في الفترة المقبلة، طالما استوعبت توصياته الواقع والإنجازات والتحديات، وطالما استوعب حضوره توابع العمل العام في 12 سنة مضت منذ 25 يناير 2011.