الإجراء القيم، الذى اتخذته الأكاديمية الوطنية للتدريب، بأن تكون أروقتها ساحة للحوار الوطنى الشامل المزمع عقده، هو إجراء - فى حد ذاته - يستحق الإشادة، فهو - فى اعتقادى - يمثل إعلاء لقيمة العلم والبحث الأكاديمى، وهو تأكيد على أن أى إجراء لمستقبل هذا الوطن، لابد وأن يخضع للدراسة والبحث الدقيق.
مصر تتمنى حواراً وطنياً حقيقياً، تجرى أحداثه على أرض صلبة، مستمدة ذلك من كونها أقدم دولة بالمنطقة فى العصر الحديث، عرفت الحياة السياسية والنيابية ووضعت دساتير كانت محل فخر، أمام العالم.
ولعل ذلك ما أشار إليه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى فى تكليفه من على مائدة الأسرة المصرية، لإدارة المؤتمر الوطنى للشباب بالتنسيق مع كل التيارات السياسية الحزبية والشبابية لإدارة حوار سياسى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة، ورفع نتائج هذا الحوار إلى سيادته شخصيًا مع وعد بقياميه بحضور هذه الحوارات فى مراحلها النهائية.
وشرح الرئيس بعض من ملامح الحوار وأهدافه، قائلاً إنه "فى حواره مع الإعلاميين تحدث فى موضوع الإصلاح السياسى مبديًا حرصه الشخصى على هذا الأمر، لكن الأولويات كانت مؤجلة فى هذا الموضوع، والآن أقول إننا نطلقه ونتيح الحوار والنقاش لكل القوى السياسية بدون استثناء أو تمييز".
وحدد السيد الرئيس أنه سيتم عرض مخرجات هذا الحوار على البرلمان ومجلس الشيوخ، لكى يكون الإقرار أو القوانين المطلوبة أو المزيد من النقاش فيه، خاصة أن هناك حاجة إلى هذا الحوار الوطنى الآن، مع إطلاق الجمهورية الجديدة ليكون ضمن مفرداتها.
الأكاديمية الوطنية للتدريب تعاملت احترافياً مع التكليف، وأعلنت الاستمرار فى تلقى طلبات المشاركة من مختلف القوى فى المجتمع المصرى، فى إطار تكليف الرئيس، بالتنسيق مع كل تيارات وفئات المجتمع لإدارة حوار وطنى حول أولويات العمل الوطنى خلال المرحلة الراهنة.
الأكاديمية الوطنية للتدريب، ذكرت أنها ستدير هذا الحوار الوطنى بكل تجرد وحيادية تامة، فى إطار دورها التنسيقى بين كل التيارات المشاركة بالحوار، بعيدًا عن التدخل فى مضمون ما تتم مناقشته فى جلسات الحوار، لإفساح المجال أمام حوار وطنى جاد وفعّال وجامع لكل القوى والفئات.
ورغبة فى توسيع قاعدة المشاركة، قررت الأكاديمية الوطنية للتدريب، دعوة ممثلى جميع فئات المجتمع المصري، لضمان تمثيل الجميع فى الحوار، وذلك فى إطار تدشين مرحلة جديدة فى المسار السياسى للدولة المصرية نحو جمهورية جديدة تقبل الجميع.
وفى هذا الإطار أكدت الأكاديمية الوطنية للتدريب أنه سيجرى تشكيل لجنة حيادية مشتركة من مراكز الفكر والدراسات لتجميع مخرجات الحوار عبر جلساته المختلفة فى وثيقة موحدة، متفق عليها من جميع القوى المشاركة لتمثل هذه النتائج خارطة الطريق نحو الجمهورية الجديدة.
فى اعتقادى أن "الحوار الوطنى"، هو فرصة حقيقية لجميع الأطراف، التى تمثل الدولة الوطنية، بما فيها أحزاب المعارضة بمختلف التيارات السياسية، المؤمنة بفكرة الوطن واستقراره، وفى نفس الوقت فإن هذا الحوار لن يقبل أى فصيل رفع السلاح فى وجه المصريين، أو ساهم فى إرهابهم بكافة الوسائل، أو تطاول على جيشهم الوطنى الرشيد أو قيادته.
الحوار الوطني، فرصة لكل المصريين. فرصة لأن تجدد مصر حيويتها ودمائها بأفكار جديدة نابعة من كل أرجاء المحروسة، وسط تحديات دولية وأقليمية وداخلية.. لكن فى النهاية تظل مصر قادرة على تجاوزها.
[email protected]