"معقول هناك دولة أهلها مش قادرين يحسموا القضية ويشوفوا بأمانة وحيادية ما يمكن فعله فى الأحوال الشخصية".
كانت تلك الكلمات لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تلك التي تضمنتها مداخلته الهاتفية بأحد البرامج، والتي عبرت بشكل قاطع عن ما يؤرقنا جميعاً ويشكل عائقاً مستديماً أمام تطلعاتنا للتنمية و الاستقرار، فما زالت هناك عقول متحجرة ترفض ما يسمي بالمرونة التي تتناسب ومتطلبات العصر ومشكلاته ومنغصاته التي دون شك تختلف عن مثيلاتها منذ زمن طويل.
فحقاً:
أليست المشكلات والمنغصات كما هي منذ عدة عقود و تحديداً بالأربعة عقود الماضية التي شهدت بها مصر بعض التراجع الثقافي والفكري جراء غزو ثقافات خارجية متشددة عاد بها العائدون، فكانت النتيجة، أن حل التشدد والانغلاق الثقافي محل الاعتدال والوسطية الذهبية التي كانت تنفرد بها مصر ، وعدنا للخوض بأحاديث قد عفا عليها الزمان والتي تحولت لمادة نزاع بين عدة أطراف ذات سيادة ونفوذ، لتظل الأسرة المصرية وما يؤرقها من مشكلات ضحية لتشبث كل طرف برأيه، مع إيقاف تشريع و تطبيق القوانين التي قد تحسم هذه الأزمة بما لا يخل بشريعة الإسلام وبما يتناسب و طبيعة العصر ومستجداته، والتي كما نعلم جميعاً لا تتعارض وديننا الذي نزل ليناسب كل زمان و مكان.
فكل ما هو بغير نص قرآني، أظن أن جواز تجديده حسب مقتضيات الحياة جائز دون المساس بأصل الدين، ودون التشبث بفتاوى الأئمة التي صدرت منذ أكثر من ألف عام، بمجتمع آخر يختلف شكلاً وموضوعاً وعدداً عن هذا المجتمع الذي نتحدث عنه.
فكما قال الرئيس السيسى:
سنحاسب أمام الله كقضاة ودولة ورئيس وحكومة وبرلمان وأزهر، عما فعلناه فى ملف الأحوال الشخصية، لافتا إلى أن الحكومة والبرلمان والأزهر وكافة مؤسسات الدولة والمجتمع عليها التكاتف لإعداد قانون أحوال شخصية متزن.
نهاية:
لا يجوز أن نكون بالقرن الحادي والعشرون و ما زلنا نختلف ونتجادل حول وضع القوانين الاجتماعية التي تحسم الجدل وتسد الثغرات الكثيرة التي يتلاعب بها المتلاعبون لإرضاء شهواتهم بتأويل كلام الله عز وجل واتباع جمهور الأئمة والمفسرين مع كامل احترامي لهم جميعاً، لتعجز القوانين عن حسم هذا الجدل ووقف هذا التلاعب الذي يتمسك بهذا التعويق وتلك المواربة بحجة المساس بالتشريعات الدينية.
فحدود الله واضحة وما سمح به عز وجل بكتابه الكريم مشروط بوضوح قاطع، لا يحتمل التأويل، إلا لمن كان بنفسه غرض.
وكل ما نحتاج إليه الآن هو التعقل والتدبر الذي أمرنا به الله لنصل إلى صيغة واحدة متفق عليها، يتخلي فيها الطامعون عن بعض أطماعهم من أجل الصالح العام وإقرار القوانين المنظمة لشؤون الأسرة المصرية، التي كما نعلم جميعاً هي عماد المجتمع ونواته الأساسية التي إن صحت واستقامت وانصلحت أحوالها، صح المجتمع واستقام وانصلحت أحواله.