المخرج أحمد العطار يقدم على مسرح ساحة روابط للفنون العرض المسرحي "كل حاجة حلوة" للكاتب المسرحي والمخرج البريطاني دانكان ماكميلان، وحالفني الحظ لمشاهدة هذا العمل الذي يغير الكثير من مفاهيمك عن الحياة ويدعوك للاستمتاع بحياتك، ويلفت نظرك أن الأشياء البسيطة في حياتك منذ طفولتك وفي كل مراحل عمرك ربما تكون هي المصدر التفائلي للحياة، والتي تبعدك عن الدخول في مرحلة الاكتئاب والتي قد تؤدي للانتحار.
العرض تقوم ببطولته الفنانة الموهوبة ناندا محمد، التي شاهدناها في دراما رمضان 2022 في دور أم ليث بمسلسل "بطلوع الروح" وأسرتنا بجمال أدائها وتمكنها من الشخصية التي تقدمها أمام النجمة إلهام شاهين، وهي من النجوم الأساسيين في عروض المخرج أحمد العطار وشاهدتها من قبل في أكثر من عرض كان آخرها عرض "ماما".
نعود لعرض "كل حاجة حلوة" هو بالفعل يحمل كل حاجة حلوة في عناصر الفرجة، بل إنه عرض تفاعلي، فالبطلة تستدعي البعض من الجمهور ليقوموا بتجسيد شخصيات قابلتها في حياتها، كالأب والحبيب والمعلمة، فالعرض ينتمي لنوعية العروض التفاعلية، وأنا شخصيًا منحتني البطلة قبل بدء العرض جملتين أقوم بأدائهما داخل العرض عندما تنطق برقم معين متفق عليه ومكتوب في الورقة التي توزعها.
العرض تجاوز الساعة ولكنك لا تشعر مطلقًا بأي حالة من حالات الملل بل إن الممثلة قادرة علي لفت الانتباه ووضعك في حالة ترقب دائمًا لما ستفعله، واختيار الأغاني والمقطوعات الموسيقية تحدث للمشاهد حالة من حالات النوستالجيا لأغاني قديمة له معها ذكريات كما البطلة، فالعرض يبدأ بدخول الجمهور بعد توزيع البطلة لقائمة من الجمل اطلقت عليها لستة كانت تكتبها علي مدار حياتها، ويشارك الجمهور البطلة في قراءة وإلقاء الجمل التي وزعتها عليهم، حتي تصل البطلة داخل العرض مع مرور الأحداث لحالة من حالات الاكتئاب قد تؤدي إلى الانتحار لكنها تتراجع وتعود عنها بعد عودتها لاستكمال "الليست" من الجمل لتصل إلى رقم مليون.
دائمًا ما يقدم الفنان أحمد العطار عروضه خارج الصندوق، واقتبس اسم مسرحيته الأخيرة لأؤكد أن "كل حاجة حلوة في مسرحه "الأفكار، الطريقة التي يقدم بها عروضه، التناول المختلف، الانضباط أثناء العرض، وحتى فى لحظة دخول وخروج الجمهور فكل شيء لديه منضبط في مسرحه، وكل عروضه التي شاهدتها له من قبل بداية من "اللجنة" مرورًا بـ"الحياة حلوة أو في إنتظار عمي اللي جاي من أمريكا" وانتهاءً بعرضي "العشاء الأخير" و"ماما" تكون على مستوى الصورة وعلى مستوى المضمون مبهرة ومدهشة وبأفكار بسيطة، وهنا في "كل حاجة حلوة" الذي يترجمه ويعده ويخرجه، ويقدم لنا أول نسخة مقتبسة منه في مصر كان موفقًا جدًا في تقديمه باللهجة العامية المصرية لسهولة وانتشار وصول فكرته.
"كل حاجة حلوة" عرض رائع يعتمد على ممثل واحد فى مسرح فارغ، بدون سينوغرافيا وأزياء أو مكياج، لا شيء يدعم الممثل سوى قدر بسيط من الإكسسوارات والموسيقى، وبالتالي يتفاعل الجمهور مع العرض ويصبح شريكًا في المسرحية، ويقدم مشاعر واضحة ويحرض على الكثير من التأملات، وفي الوقت نفسه، موضوع المسرحية مهم جدًا، خاصة في عصرنا الحالي على المستوى المحلي والدولي، وعلى الرغم من أن المسرحية تم عرضها عدة مرات في فرق مسرحية مختلفة بأنحاء العالم، إلا أن العطار يتناول النص برؤية جديدة ليس لها مرجعية سابقة، ويقول: "لم أشاهد أيًا من العروض السابقة لـ"كل حاجة حلوة" ولم أشاهد حتى النسخة الفيلمية من المسرحية التى أنتجتها شبكةHBO.
المسرحية كما هو مدن في "البامفلت" الخاص بها مهداة إلى روح المخرج والممثل وأستاذ الدراما محمود اللوزي الذي يصفه العطار بمعلمه الراحل الذي اختار "كل حاجة حلوة" من بين عشرة نصوص إنجليزية لتكون جزء من مشروع الترجمة، وبدونه، ما كان لمتخصصي المسرح وجمهور العالم العربي ليستمتعوا بهذا النص الرائع.