حالة من الجدل الواسع انتابت منصات التواصل الاجتماعي منذ أمس بعد نشر عدد من الصور لتمثال أبو الهول وهو "مغمض العينين"، وقد أطلق النشطاء العديد من العبارات تعليقًا على تلك الصور أبرزها "أبو الهول نام"، لنجد سيلًا من المشاركات والتعليقات إلى أن أصبح حديث السوشيال ميديا في مصر وعدد من دول العالم.
الغريب في الأمر أن هناك عددًا كبيرًا من الناس صدق الأمر وأخذ يبحث عما زعمه نشطاء التواصل الاجتماعي، وهو أن ما حدث لأعين أبو الهول سيسفر عن حدوث أمر ما، وهم هنا يقصدون بالطبع إثارة الرعب بسبب ما يسمى "لعنة الفراعنة"، وهو الأمر الذي ليس له أساس من الصحة العلمية على الإطلاق، وهذا ما أكده علماء الآثار المصرية من أن لعنة الفراعنة خرافة وخزعبلات.
ولكن الأمر الذي يؤخذ في الاعتبار أنه عندما أخذت تنتشر الصور كالنار في الهشيم لم يفكر الناس ولو لوهلة واحدة أن هذا من عمل "الفوتوشوب" الذي من الممكن أن يغير ملامح أي شكل في ثوان، وهو علم ليس بجديد، فمعظمنا يستخدمه سواء في عمله أو في دراسته وغير ذلك الكثير، ليسير الناس وراء هراء ويضيع الوقت في الفراغ من أجل بلبلة لا تسمن ولا تغني من جوع.
كل ما حدث للأسف يدل على غياب الوعي بشكل كبير والتكاسل حتى في تشغيل العقل الذي ميزنا به الله عن باقي المخلوقات، فلا نستبعد أن تطلق في يوم صورة لتمثال رمسيس وهو يمشي، ويقال "تمثال رمسيس مشى من المتحف الكبير ليتفقد مكانه القديم في ميدان رمسيس"، وسوف تشارك الناس الصورة بشكل عادي وتتفاعل مع الأمر، وتبدأ في طرح أسئلة حول الموضوع أيضًا، وتقول: "إيه سبب تركه للمكان، طيب هو موجود فين الآن، أكيد دي لعنة الفراعنة، وهكذا.
الأمر ليس مزحة أو أنني أطرح الأمر للضحك، بل هو شيء مخزٍ بكل جوانبه لنرى أن مستوانا الثقافي وصل إلى هذا الحد لمجرد قيام شخص بلا معنى بإطلاق إشاعة خبيثة ليسحب وراءه مليارات البشر وكأنهم في حالة تنويم مغناطيسي، يجب أن نفكر قليلًا قبل التورُّط في أي تصرُّف يجعلنا ننظر إلى أنفسنا على أننا لا نفكر تمامًا أن عقولنا معطلة.
في الوقت الذي نرى فيه مصر تتقدَّم إلى الأمام، وتشهد حالة من التطوير في شتى المجالات وتوجه دائمًا بنشر الثقافة والاهتمام بالتاريخ المصري القديم في ظل تحديدات عالمية كبرى، يجعلنا دائمًا نريد أن نطور من أنفسنا ونقرأ ونطلع ونبحث عن أصل الأشياء، في ظل سهولة البحث والمعرفة عبر تطور تكنولوجي يعيشه العالم اليوم، ولهذا يجب أن نطوع ذلك التطور لمصلحتنا وليس لغياب عقلنا، فدع العقل يعمل حتى لا يصدأ من التوقف عن المعرفة.