فى المراحل الصعبة فى تاريخ الأوطان، يظهر الفارق جليا بين فكرة المعرفة وفكرة الإدراك، وبين المصطلحين فروق شاسعة للغاية، ومسارات مختلفة تمام، ومن الحكمة الآن أن نتعلم كل ما نحن مقبلون عليه، ولذلك قبل أن نتجه لأى مسار عدة أشياء رئيسية منها القضية وعنوانها وتفاصيلها العامة إذا ما تطلب منك المشاركة، ثم هناك مرتبة للحكمة الأكبر وهى صفة الإدراك الكامل للقضية، و ذلك الإدراك قد يبنيه البعض على مدار سنوات، وقد يساعد البعض مشاركتهم فى تجارب سابقة لثقل معانى الإدراك، لكن يبقى الأمر فى جوهره معتمدا على الفروق الشخصية التى تميز فردا عن الآخر، فكلا الأطراف قد يصلها نفس المعلومات الصلبة، و يخرج منها نفس التحاليل المنطقية، لكن أشخاصا بعينهم وحدهم القادرون على استنباط ما وراء المعلومة بشكل مميز للغاية، وذلك الوصول الموصول للإدراك هو الأصل لقيمة الإدراك و للأبعاد وماهية الأمور والتشابكات المختلفة بل والموائمات التى تخرج فى كل كلمة أو خطاب، لذلك فالمعرفة فى الأصل هى المعلومة، لكن الإدراك هو الهدف من المعلومة، وما بين ذاك وذلك تظهر مميزات الأفراد والمؤسسات، والتى يمكن أن تغير مصائر أمم.
و فكرة الإدراك فى حد ذاتها تتطلب مجهودا مضاعفا لاثقالها بالتعليم الحديث، وكذلك التبحر فى القراءة فى التاريخ و معرفة العبر والعظات منه، وربط المواقف والخلفيات وصولا للشكل الحالى فى كافة المسارات، و بمعنى أدق هو أن كافة المسارات لم تولد عشوائيا بل كان هناك دائما مقدمات، وفى قراءة تلك المقدمات بتأنى وعناية يمكننا أن نصل لمستقبل ذلك المسار، سواء كان مسارا إيجابيا أو سلبيا، و تعتمد تلك القراءة على قيمة الإدراك الفعلى لمجريات الأمور، وربط التحركات بالاشارات والتشابكات، و ما نقوله قد يبدوا سهلا على شخصا رزقه الله قيمة الإدراك، لكنه أيضا ليس صعبا على أشخاص تعلموا فكرة التحليل والاستنباط و الربط والقراءة، وصولا لتعلم فكرة المدلول الخفى فى بواطن المعلومات، و لذلك فمتى تمكن أشخاص و مؤسسات من قيمة الإدراك، كان لنا حظ امتلاك المعرفة و جودتها.