لا شك أن الكوارث والأزمات تجبر الدول والحكومات وأصحاب القرارات، خاصة فى القطاع الاقتصادى، على اتخاذ إجراءات وقرارات وتغيير خطط واستراتيجيات تم وضعها مسبقا، وذلك لتفادى الأزمة أو تقليل من خواطرها، ومن أبرز القطاعات التى عادة ما تلجأ لتغيير خططها واستراتيجياتها المستقبلية عند حدوث أزمات أو كوارث غير متوقعة، القطاع العقارى، باعتباره القطاع الأكبر فى المساهمة فى الناتج المحلى، وترتبط به أكثر من 95 صناعة محلية، وهو ما يؤكد على أنه القطاع الأكبر فى توفير فرص عمالة لعدد كبير من الشباب بمختلف تخصصاتهم.
لعلك تدرك عزيزى القارئ كيف استفاد القطاع العقارى من أزمة فيروس كورونا، واستطاع أن يحول الكارثة إلى منفعة عامة للقطاع ساهمت فى سرعة التطوير والابتكار والاعتماد على التكنولوجيا كوسيلة أساسية فى التسويق لمشروعاته، وساهمت تلك الأزمة فى سرعة تطبيق سياسة التحول الرقمى التي كان مخطط لها أن تستغرق سنوات، لكن الأزمة أجبرت القطاع والحكومة على سرعة التطبيق وتحويل الأزمة لمنفعة، كما أن سياسة العمل من المنزل كان لها مردود إيجابى بكل الشركات والقطاعات وكيفية استغلال الوقت، والاعتماد على الاجتماعات الأون لاين وغيرها من الوسائل التى أحدثت تغييرا حقيقيا فى سياسة القطاع العقارى والشركات العاملة به، وطرق التسويق.
والمؤكد، فى الوقت الحالى، أن كارثة الحرب الروسية الأوكرانية أثرت بالسلب على الاقتصاد العالمى بالكامل، وساهمت فى زيادة نسبة التضخم، ولوجوء دول كبرى تعد من أكبر الاقتصادات فى العالم لإجراءات وقرارات صارمة تحسبا من الانهيار، وفى مصر كان للمؤتمر العالمى الذى عقده الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء مرورد إيجابى كبير فى كافة القطاعات الاقتصادية وخاصة القطاع العقارى، واتسم ذلك المؤتمر بالشفافية والوضوح، ورغبة الدولة فى زيادة نسبة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلى وذلك إلى 65%، بدلا من 30%، وهو ما قابله رجال الأعمال والمستثمرون بالترحيب والقبول، ووصفوه بالنقله النوعية الحقيقية في الاقتصاد المصرى ورؤية وخطة الحكومة.
وهناك سياسة جديدة أو آلية جديدة بدأت بعض الشركات تلجأ إليها وهى سياسة الاندماجات والتحالفات، ولا شك أن تلك السياسة سيكون لها أثر كبير فى تفادى أى أزمات قد تحدث فى القطاع العقارى خاصة بما يتعلق بالأزمات المالية التى يعانى منها البعض نتيجة لارتفاع أسعار مواد البناء وتكلفة الإنشاءات، فهذه الشراكات والاندماجات قد تساهم فى التزام تلك الشركات فى تعهداتها مع العملاء ودفع نسب التنفيذ، وتفادى خروج شركات من السوق بسبب الأزمة المالية، كما تساهم تلك الاندماجات على تحسين نوعية المنتج المصرى، عملا بسياسة العمل بروح الفريق، فوجود أكثر من فكر فى تحالف واحد يساهم فى تقديم منتج متميز، يتضمن كل المزايا التى يفقتدها منتج يكون مقتصرا على فكر واحد، بالإضافة إلى أن هذه الشراكات والاندماجات وخاصة التى تحدث مع فكر أجنبى أو شريك أجنبى قد يحدث تغييرات حقيقية على العمران المصرى، وكود البناء المصرى، وهو ما يساعد على وجود تصميمات عمرانية تجمع بين الحديث والقديم وبين الغرب والشرق، مع الحفاظ على الهوية المصرىة، وهو ما يؤدى إلى التفرد الحقيقى وخلق من تلك المشروعات مشروعات عالمية على أرض مصرية.
لكن أخشى ألا تستغل تلك الاندماجات بشكلها الصحيحح الذى ذكرته، ولكن قد تستغل هذه الاندماجات بشكل خاطئ مما يؤدى إلى الخروج بنتائج غير جيدة، فإذا تم تحالف بين شركة كبيرة وشركة صغيرة، يجب أن يكون هذا التحالف أو الاندماج له هدف محدد وهو دعم الكبير للصغير، وليس استغلال الكبير للقدرات المالية أو خلافه للطرف الأصغر، كما أن التحالف يجب أن يتم بناء على هدف محدد وواضح للجميع، حتى يخرج بنتائج إيجابية تفيد الطرفان من ناحية والسوق العقارية المصرية والمواطن من ناحية أخرى، فسياسة الاندماجات والتحالفات أشبه بسياسة الشراكات التى عقدتها الدولة مع القطاع الخاص مؤخرا فى بعض المشروعات، وهى سياسة جميلة له مزايا عديدة، لكن أتمنى ألا يستغل طرف الآخر حتى يعم الخير على الجميع.