كثير من الفتاوى الدينية التي تتعلق بالمرأة وبالزواج والطلاق، تشعر بأن شيئا ما ينقصها، شيء متعلق بالسياق الاجتماعى، شىء يشبه "الحفظ والتسميع" لا "الدراسة والتحليل"، وأكثر ما يكون ذلك في قضايا "التعدد".
من حق علماء الدين ودارسى الفقه، طالما يعتمدون على أصول أن يخرجوا علينا بما يرونه صحيحُا من فتاوى، ومن حقنا نحن الذين تُسلط علينا هذه الفتاوى أن نسأل ونفهم وأن نناقش، ومن أغرب الفتاوى التى غاب عنها السياق فتوى الشيخ أحمد كريمة التي يقول فيها "ينبغي على الزوجة الأولى إعانة زوجها على الزواج بأخرى بدلًا من ارتكابه الفاحشة، وأن تضع الشريعة الإسلامية أمام عينيها في جميع مواقف حياتها وتحتسب هذا العمل تقربًا لله سبحانه وتعالى"، ولنا أن نسأل الشيخ أحمد كريمة عدة أسئلة:
أليس الأولى للزوج القادر على الزواج في الغربة أن يدعو زوجته الأولى للعيش معه؟
لماذا أسقطت الفتوى سياق التطور القائم على فكرة أن الانتقال الآن صار أسهل، فيمكن للزوج القادر على تكلفة زواج في الغربة أن يأتي إجازة لبلده أو أن تذهب زوجته إجازة مؤقتة إلى هناك؟
لماذا جعلت الفتوى نصيب المرأة الصبر وإعانة وزجها، ولم يسأل الشيخ نفسه، ما الذى تفعله الزوجة التي غاب زوجها؟
لماذا تتعامل الفتاوى بمنطق "التخويف" بالشريعة، وماذا عن "المودة والرحمة" التى هي أصل الحياة الزوجية؟
لسنا متربصين بالدين ولا بدارسى علوم الشريعة، لكن عليهم هم أيضا ألا يتربصوا بحياتنا، وأن يؤمنوا أن التطور له قوانينه الزمنية التي عليهم أن يلاحظوها ويدرسوها، وقد كان الفقهاء الكبار من قبل يدركون قيمة السياق وقيمة المجتمع.
لا أحب لمن يتحدثون في الدين أن يصبحوا ضحية للشو، بل عليهم دائما التريث والإحاطة بكل ما يتعلق بالقضية التي يتحدثون فيها، لا نريد منهم أن يختاروا الأصعب ولا الأسهل، لكن نريد منهم أن يختاروا المناسب للحياة.