بعد نهاية الحرب العالمية الثانية قال السفير الإنجليزى فى مصر دونالد كامبل - وفق ما ذكرته وثائق الاتصالات السرية بين الأصولية الإسلامية والمخابرات البريطانية -: "آن للشيخ حسن البنا أن يخرج من المشهد .. ومن يخرج من المشهد لا يعود اليه..".. نفس المقولة تقريبا، قالها الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل فى بدايات عام 2013 وهى: " آن لمرسى أن يستريح".
هذا يعنى ببساطة أن الخروج من المشهد، يقابله استحالة فى العودة إليه مرة أخرى، لأن غالبا ما ستكون قواعد اللعبة قد تغيرت، واللاعبون أنفسهم حدثت بينهم تغييرات كبيرة، وخرج بعضهم من الملعب وظهر البدلاء!
قلنا- ومازلنا نكرر - أن المعارضة الوطنية، هى التى تخرج للوطن ومن على أرض الوطن. وأن أى فكر لابد وأن يكون قادما من الشارع المصرى ومعبرا عن إرادته.
الدعوة التى وجهها السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى للحوار الوطنى، كانت دعوة صريحة وواضحة فى أنه لا استثناء أو تمييز بين القوى السياسية والتيارات المتنوعة المقرر مشاركتها فى هذا الحوار.
وعليه فإنه ليس من المنطقى أن يكون الحوار، الذى سيقوم على مشاركة القوى الوطنية، ويدعى إليه أشخاص أو جماعات رفعت السلاح ضد الدولة المصرية والمصريين وجيشهم وقادته.
أسلوب خلط الأوراق، كان المسيطر على المشهد خلال الأيام القليلة الماضية، البعض يتصور أن الدعوة للحوار، تعنى قبول من خرجوا من المشهد بإرادة المصريين. البعض توهم أن مقاطع الفيديو الاستعطافية التى انطلقت فى الواقع الافتراضى، يمكن أن تعيد العجلة إلى الوراء أو تعيد بعضا ممن خرجوا من المشهد إليه مرة أخرى.
قبل أيام أعلنت الخارجية الأمريكية عن شطب الجماعة الإسلامية بين خمسة منظمات أخرى من قوائم المنظمات الإرهابية الأجنبية.
الخطوة غريبة ومثيرة بكل المقاييس من جانب الإدارة الأمريكية، لكنها فى الوقت ذاته تحمل رسائل ضمنية، تؤكد ان الولايات المتحدة، ما زالت تمثل الداعم الرئيسى - بشكل أو بآخر - لتيارات الإسلام السياسي، وأن المخطط الذى أعد للشرق الأوسط قبل 2011 ما زال قائما، وربما تطرأ عليه بعض التعديلات!
موقف الإدارة الأمريكية، دفع طارق الزمر الرئيس السابق لما يسمى بحزب البناء والتنمية واحد قادة الجماعة الاسلامية، للترحيب بهذا القرار وشطب جماعته من قائمة المنظمات الإرهابية.
الأمر تصاعد بشكل أكثر تبجحا بقوله: "إنه من الصعب أن تظل الجماعة مدرجة فى مصر على قوائم الإرهاب".
وبلا مقدمات تحدث "الزمر" عن الحوار الوطني، الذى لم يدعى إليه من الأساس وكانه شريك فيه قائلا: "إنه مدخل رئيسى لإخراج مصر من أزماتها، لكننا لا نرى أى مؤشر حتى الآن عن أننا أمام حوار حقيقى أو مدخل سياسى لتوحيد الصف".
"الزمر" يتعامل وكأنه دعى إلى الحوار، وأصبح مطالبا بتقديم رؤيته، وهى "خيالات الاغتراب"، التى تسيطر دوما على الهاربين والمطاردين.
تيارات الاسلام السياسى خرجت من المشهد وعودتها استحاله..
من يخرج من المشهد لا يعود اليه..!