ست وراجل.. الأمر الذي جعل الكثير منا بين كفي الرحى، فلا نستطيع مهاجمة الرجال، ولا إبراء النساء من بعض الأفعال التي قد تعبر أن كليهما بني آدم لا يفرقهما إلا الجنس فقط، حتى وإن قفزت في مخيلتنا بعض المشاهد الكوميدية مثل مقولة "الريس حنفي" في فيلم "ابن حميدو" وهو يرضخ لكلمة زوجته قائلاً "هتنزل المرة دي"، فهي حقيقة واضحة، المرأة أيضاً لها دور مؤثر وكبير وقد يميل ناحية الشر أحياناً وفرض السيطرة.
فمازال النزاع قائما، بين تفوق جنس على آخر، ليس على المستوى المحلي وحده، بل على المستوى الدولي، فمن أين بدأ الخلاف الحالي؟ وما أسباب بزوغه مجدداً؟، فالحقيقة أن الخلاف قائم منذ قرون عديدة، يصعب حصرها في دراسة فعلية لتؤسس لمفهوم تفوق جنس على آخر، ولكن الأغلب بأن هذه النزعة كانت موجودة كمحاولة للعدالة بين الرجل والمرأة، حتى أصبحت في أمريكا تستطيع أن تحصل على مرتب مثل الرجل، وحصولها على حق الانتخاب، وأخيراً تأسيس جماعات نسائية، أو إذا شئنا الدقة نسوية في جميع أنحاء العالم.
وحديثاً تحول الخلاف لنزاع حول السلطات الممنوحة لكل جنس على حساب الآخر، لتتحول لمعركة فكرية تتداخل فيها كافة الجوانب المختلفة، كالدين والسياسة والفن.. الخ، وكثرت المؤسسات النسوية في أنحاء العالم دون وجود ما يقابلها على الجانب الآخر الذكوري، الأمر الذي ينطوي على ريبة بشكل ما، وكأن هناك ما يمنع إقامة مؤسسة لحفظ حقوق الرجل، أو ربما خجلاً من تأسيس فكرة أو منتدى ذكوري أن يعتبر بمثابة انتقاص من قدرة الرجل على انتزاع حقه بكل أشكاله.
الحقيقة أن الأزمة زادت حدتها بعد عدد من الوقائع حدثت مؤخراً، لتوضح أن المرآة ليست في كل الأحوال مظلومة، فهي أحياناً ما تسيء السلطة الممنوحة لها لتستغلها لمصالحها الشخصية أسوء استغلال ممكن والذي أوضحتها حالات فردية ولكن كانت ولازالت حديث العالم.
الواقعة الأولى هي واقعة الممثل الأمريكي ويل سميث، الذي لا يلبث أن ينتهي من قصة حتى تبدأ معه قصة جديدة، فبعد أن خانته زوجته، واعترفت له، حاول إنجاح الزواج بكل الوسائل، وبعد مرور سنوات تحدث الواقعة الشهيرة في حفل جوائز الاوسكار من ممثل كوميدي يعتلي المسرح ويطلق مزحة على شعر زوجة "ويل"، الأمر الذي لم يتقبله "ويل" ويقابله بصفعة قوية أذهلت الحاضرين، حتى ظهرت دعوات لسحب الجوائز الفنية منه، وإلغاء التعاقدات على الأعمال الحالية والمستقبلية، الأمر الذي قابلته زوجته بتغريدة غريبة، فهى لم تدافع عن زوجها الذي دافع عنها، بل هاجمته بشكل ضمني!
فكما قالت: "لم أطلب من ويل التدخل، كنت أستطيع وحدي أن آخذ حقي، لقد أخطأ ويل"!.
أما القصة الثانية محل الأخبار الحالية هي قضية القرصان جاك سبارو "جوني ديب" وزوجته "امبير هيرد"، وكما هو متاح حالياً على وسائل الإعلام، فإنها اعترفت بضربه وتعنيفه واتهامه بلا دليل ملموس، فضلاً عن أخذها من زوجها السابق مبلغ سبعة ملايين دولار تعهدت بالتبرع بها، وهو ما لم تفعله بعد أن استلمتهم كتسوية للزواج السابق، ليتضح أخيراً للرأي العام أن الرجل ليس وحده من يخطئ، فهناك استخدام سيئ للسلطة من قبل النساء أيضاً، ليتضح أن أوجه القوة والقصور ليس في جنس بعينه، بل هو موجود لدى الطرفين، مما جعل في مخيلتنا المشهد المؤثر للفنان الراحل عبد الفتاح القصري عندما كان يرضخ لكل كلمة تقولها زوجته قاسماً بأن كلمته لن تنزل الأرض أبداً، مما جعل هذه الزوجة يتفشى لديها طاقة العنف والتحقير منه.
ومجرد اعتبار جنس متفوق على الآخر، أو صاحب سلطة أعلى على الآخر لهو شعور بالنقص، وهو ما يجب أن يُقوّم اجتماعياً، بدلا من الخطاب الفئوي المتمثل في زيادة مساحات الاختلاف، لابد من البحث عن نقاط الائتلاف، لتوحيد الاتجاه العام، وهو الحق والعدل، ومعرفة الجنسين أنهما مكملان لبعضهما، وليسا في ساحة عراك لمن فيهم أقوى من الآخر.