يحمل الكتَّاب الكبار همومًا مجتمعية عليهم أن يعطوها حقها، فهى أمانة واجب عليهم حسن تأديتها، هذا دورهم وذلك شأنهم، لذا لفت انتباهى ما قامت به الكاتبة الكندية الكبيرة مارجريت أتوود، والتى تبلغ من العمر 82 عاما، حيث قامت بطبع نسخة خاصة من روايتها الشهيرة "الخادمة" ضد الحريق، وأجرت عليها تجربة مهمة تناقلتها وسائل الإعلام.
وقد فعلت مارجريت أتوود ذلك، ردا على مصادرة الكتب ومنعها فى بعض الدول، واختارت حريق الكتب، لأنه قديما كان الوسيلة الأشهر فى مصادرة الكتب ومنع الكتاب من الإبداع.
وهذا الموقف أعجبنى، فالكاتبة الكبيرة لم تزل مهتمة بالعالم من حولها، وتسعى بشدة لإيضاح دورها والقيام بما تراه واجبا عليها، هذا مع أن مارجريت أتوود فى شهرتها وعمرها ونجاحها كان يمكن لها أن تجلس فى ظل بيتها ولا تشغل نفسها بما يجرى فى العالم، لكنها المسئولية المجتمعية.
إن هذا الدور الفعال للمثقف يستحق التقدير، فالكاتب والمثقف بالمجمل عليه أن يكون دائم النظر فى قضايا مجتمعه وأن يكون فاعلا فيها، وأن يفكر فى رصدها وإيضاحها بصورة إيجابية.
إن المفكرين فى كل الدنيا ومنذ أقدم الأزمنة هم ضمير الإنسانية، هذا قدرهم، يقرأون الماضى ويستشرفون المستقبل، وعلى المجتمعات أن تدرك ذلك وتستفيد منهم.
والمثقف ليس الغرض منه أن ينشر العديد من المؤلفات أو يصيغ الكثير من التخيلات، بل إن دوره الأساسى يتعلق بالتفكير فى الإنسان فى قضاياه وأفكاره، في راهنه ومستقبله، ولا أقول المطلوب منه أن يقدم حلولا، لا إنه ليس سلطة كى يقدم حلولا، بل يكفيه التفكير والتحليل والإشارة.