جولة مكوكية على مدار عدة أيام لصنايعية " صقر قريش" لتصليح السيارة، تكتشف معها أنك أمام سؤال مهم للغاية، وهو من يهتم بهؤلاء الصنايعية ويؤهلهم ويكسبهم مهارات التطور التي مرت على العالم قبل أربعين عام تقريبا، وللأسف لن تعرف الإجابة ولا من هو المسئول عن تلك المنطقة باستثناء محافظة القاهرة تقريبا، لكن من هو المسئول عن فكرة التطوير في الصنايعية الفنيين، والذين يمتلكون مهارة حقيقية بالفعل بحكم الخبرات السابقة، ولكنهم حتى الآن يعملون " بدراعهم"، ثم من هو ذلك المسئول الذى يتواصل مع الشباب فيهم لتعليمهم الفنيات الجديدة التي تسابق الزمن في العالم، فالصنعة ليست "مفك وعدة وجهاز كشف أعطال"، ولك أن تتخيل أن تلك المنطقة بكل ما فيها لا يوجد لديهم ماكينات للبنوك لسحب الأموال أو للتعامل مع الصنايعية عبرها، وكأن جهود التحول الرقمى بكل مافيها من انجازات لم تصل لتلك البقعة بكل مافيها من اقتصاد غير رسمي حتى الآن.
منطقة " صقر قريش" في الجزء الخاص فيها بتصليح السيارات، هي منطقة تستحق نظرة موضوعية للصنايعية قبل المكان نفسه، بحيث يكون لدى الوزارات والجهات المعنية، وسيلة لتأهيل الشباب وإكسابهم خبرات العالم في التعامل مع التسجيل والكمبيوتر والتحول الرقمى، حتى يشعروا أن عملهم بهدف، وأن القصة ليست سيارة بعد سيارة، وأن الحقيقة تجعلهم يفتخرون بكل ما يفعلونه رغم كل الصعوبات التي تواجههم في الحياة، ولذلك فالورش في تلك المنطقة تمثل " براند شعبى" في غاية الأهمية تشبه مناطق أخرى في مصر المحروسة، حتى أنك بسهولة يمكنك أن تعرف المنطقة التي تبيع الخشب الأرخص، والمنطقة التي تبيع الزرع الصناعى الأفضل، والمنطقة التي تتاجر في التحف، وكل تلك المناطق مسئولية مباشرة للمسئولين في نطاقهم، بحيث يرفع الأمر حتى يصل لمستوى الحكومة.
دور الحكومة هنا ألا تدخل عليهم بصور ذهنية مشوشة لديهم بأنهم سيرحلون، بل إن دور الدولة والحكومة هي استيعاب تلك الكفاءات والطاقات ووضعهم موضعا يليق بهم، حتى يصلوا لمرحلة العامل الماهر في أي دولة مماثلة، ويكون لهم دورا كبيرا في الناتج المحلى القومى، بما سيقدمونه بعد عمليات التطوير والتحديث، التي يجب أن تتدخل فيها الدولة عبر ماكينات وعدد حديثة، تساعدهم في أداء عملهم بكفاءة.