لا يمكن أن تحصل على لونين من البلح من نفس النخلة، وأيضا لا يمكن أن يجتمع الشرف والخيانة فى قلب إنسان واحد.. وكل الأمراض يمكن أن يٌشفى منها، بما فيها المستعصية، مثل الأورام السرطانية، إلا مرض الخيانة وكراهية الأوطان، فلا شفاء منه نهائيا، رغم التقدم المذهل فى الطب، وانتشار الصروح الطبية من مستشفيات ومعاهد، وتظل قبيحة لا يمكن تجميلها مهما تقدمت جراحات التجميل.
مرض الخيانة انتشر بشكل فج فى السنوات العشر الماضية، ومن كان يخرج علينا قبل يناير 2011، مفعما بالصحة الوطنية، ونقاء السريرة، والتفانى، والحب، تبين أنه كان يتظاهر بذلك، وأن الكراهية، والخيانة تسكن و(معششة) فى جيناتهم الداخلية.
هؤلاء من أعضاء الجماعات والتنظيمات الإرهابية، التى ظهر عليهم أعراض المرض بشكل صارخ، عقب 25 يناير، ثم اكتشفنا أنه كان مرضا مزمنا بعد ثورة 30 يونيو 2013.
ومرض الخيانة عبارة عن زيادة فى معدل انتشار خلايا الشهوة والنزوع إلى تحقيق مصالح خاصة، فى مقابل ضمور بخلايا وجينات الشرف والكرامة والكبرياء المتمثل فى الانتماء وحب الأوطان، بمعدلات تفوق انتشار مرض السرطان اللعين.
مرضى الخيانة لديهم نزوع مرعب، وأمانى وآمال وطموحات، أن يروا أوطانهم وقد انهارت وسقطت، مثل ليبيا وسوريا واليمن والعراق، ولا يزعجهم أن يتقسم، ويتحول إلى أطلال، تنعق فيه الغربان، اعتقادا منهم أن (المرمغة) فى رحيق الخيانة سيستمر، سواء فى الخارج، أو الداخل، ودون إدراك حقيقة واضحة وضوح الشمس فى كبد السماء، أن ثمار الخيانة مر مرارة العلقم.
الخونة يعملون ليل نهار بنشاط عجيب، لوضع وتنفيذ المخططات الهادفة إلى تدمير البلاد، وتشريد العباد بإثارة الفوضى، وتقويض عجلة التنمية، ويجب على جميع شرفاء الوطن، حشد الإرادة الوطنية لفضح كل خائن وعميل، لينال الجزاء والعقاب الذى يستحقه، وإنقاذ مصر من براثن هذا المرض اللعين، المشوه لكل القيم الأخلاقية والوطنية.
ونظرًا لكون الخيانة مرضا بغيضا، ومقززا، فإن القرآن الكريم ذكرها فى أكثر من موضع، منها فى سورة الأنفال، حيث قال تعالى: (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ).. وقال فى سورة يوسف: (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِى كَيْدَ الْخَائِنِينَ).. وقال فى سورة الحج: (إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ).. وقال فى سورة النساء: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا).
بجانب العديد من المواضع الأخرى التى ذكرت الخيانة بشكل عام، وقد أحصى العلماء الخيانة على 5 أوجه، منها خيانة الأمانة والمال والنعمة والخيانة الزوجية وخيانة الأوطان، وأجمعوا حسب التفسيرات القرآنية على أنَّ كلَّ خائن لابدَّ أن ترتد خيانته ومكره على نفسه، ولابد أن يفتضح أمره مهما تحصن بأسوار السرية.